&آدم تايلور

أصبحت العلاقة بين الحكومة الفرنسية والأقلية المسلمة في فرنسا محور اهتمام وسائل الإعلام الدولية الكبرى الشهر الماضي، بعد أن أقدم عدداً من المدن الكبرى على حظر لباس البحر «البوركيني» الذي ترتديه بعض المسلمات ليغطي جميع أجسامهن باستثناء الوجه والكفين والقدمين.

وعلى الرغم من التراجع عن هذه الإجراءات بعد وقت قصير، يعتبر البعض أن الجدل بشأن «البوركيني» ليس سوى دليل على وجود توترات واسعة داخل فرنسا، بين مجتمع يُعظّم طبيعته العلمانية والأقلية المسلمة من الفرنسيين الراغبين في الحفاظ على تقاليدهم، وربما تُسلط دراسة نشرها «معهد مونتيجن الليبرالي» الأسبوع الماضي الضوء على أحد جوانب ذلك التوتر الذي عادة ما يتم التغافل عنه ألا وهو: ما رأي المسلمين الفرنسيين أنفسهم في القوانين العلمانية الفرنسية؟

والدراسة، التي أجرتها مؤسسة «إيفوب» لاستطلاعات الرأي قبل وقت طويل من ظهور الجدل بشأن «البوركيني»، والتي نشرت في صحيفة «دو ديمانش» الأسبوعية، أن معظم هؤلاء الذين عرفوا أنفسهم بأنهم مسلمون يمكن تصنيفهم في ثلاث فئات شاملة. الفئة الأولى: تشمل من يعتبرون أنفسهم علمانيين، لكنهم يقولون أيضاً إن الإسلام يلعب دوراً رئيساً في حياتهم، ويشكلون زهاء 46 في المئة من المواطنين الفرنسيين الذين عرفوا أنفسهم بأنهم مسلمون، ويُصنّفون بأنهم «الأغلبية الصامتة» في المجتمع المسلم داخل فرنسا.

والفئة الثانية: نسبتهم 25 في المئة وعرفوا أنفسهم بأنهم «مسلمون بفخر»، لكنهم لا يزالون يقبلون القانون الفرنسي، بما في ذلك «حظر النقاب» الذي تم سنه في 2011، والذي يحظر تغطية الوجه، ونادراً ما يُرى النقاب في فرنسا.

وعلى الرغم من ذلك، تقدر نسبة الفئة الأخيرة ممن توجد لديهم وجهة نظر متشددة بشأن عقيدتهم وعلاقتهم بالدولة الفرنسية، بـ28 في المئة، لكن التقرير أشار إلى أن هذه الفئة تميل إلى تأييد تغطية الوجه وتعدد الزوجات. ومن الملحوظ أن أعضاءها أصغر سناً بشكل كبير من الفئتين الأولى والثانية، ونصفهم أقل من 25 عاماً، ولفت مؤلفو الدراسة إلى أنه قد يكون لذلك علاقة بتأثير الجيل.

وهذه الفئة الأخيرة وصفت بأنها «الأكثر شباباً وتضم أشخاصاً أقل مهارة ولديهم مستويات متدنية من المشاركة في سوق العمل، ويعيشون في ضواحي المدن ويستخدمون الهوية الإسلامية المحافظة للثورة ضد المجتمع الفرنسي».

وأظهرت الردود على أسئلة محددة أن أقلية المسلمين في فرنسا فضلت التقاليد الإسلامية على القانون الفرنسي. فعلى سبيل المثال، أكد 29 في المئة منهم أن الشريعة ينبغي أن تكون أكثر أهمية من القانون الفرنسي. وفي هذه الأثناء، فضل 24 في المئة ارتداء البرقع أو النقاب، رغم الحظر. ومن الملحوظ في هذه القضية، كما في قضايا أخرى، أن المسلمات الفرنسيات أكثر «محافظة» من الرجال، إذ تؤيد 28 في المئة من المسلمات الفرنسيات النقاب، مقابل 20 في المئة من الرجال الذين ينتمون إلى نفس الفئة.

وكشفت الدراسة أن 60 في المئة من المسلمين الفرنسيين يؤيدون الحق في ارتداء حجاب الرأس في المدارس والمؤسسات العامة، والذي تم حظره منذ عام 2004، على رغم من أن ثلث المسلمات يؤكدن أنهن ارتدين الحجاب أو سيفعلن إذا تمكنَّ. وشدد ثمانية من كل عشرة مسلمين فرنسيين على أن مقاصف المدارس ينبغي أن تقدم خيارات أطعمة حلال، وهو مطلب مثير للجدل في بعض المدن الفرنسية.

ويبدو أن هذا الاستطلاع من أشمل التحليلات لمواقف المسلمين في فرنسا. وتم إجراؤه عبر الهاتف بين 13 أبريل و23 مايو، وشمل 1029 شخصاً أكبر من 15 عاماً من أصحاب العقيدة أو الثقافة المسلمة.

وربما تتحدى الدراسة الجديدة التفكير الجامد بشأن الأقلية المسلمة في فرنسا. ومن بين أبرز تلك التحديات حجم تلك الأقلية. والتزاماً بالمبادئ العلمانية، لا تسمح الحكومة الفرنسية للجهات الرسمية بجمع البيانات بشأن المعتقدات الدينية للأشخاص، ويعني ذلك أن تقدير أعداد المسلمين الفرنسيين يأتي من منظمات خاصة. ومن الدراسات التي يُشار إليها على نحو واسع النطاق دراسة مركز «بيو»، التي أشارت إلى أن تعداد المسلمين الفرنسيين بلغ 4.7 مليون نسمة في 2010، ما يعني أنهم يشكلون نسبة 7.5 في المئة من إجمالي تعداد سكان فرنسا. وتشير بعض التقديرات إلى نسبة أكثر.

وكشف استطلاع «آيفوب» أن المسلمين الفرنسيين يشكلون 5.6 في المئة من تعداد سكان الدولة، ممن تزيد أعمارهم على 15 عاماً.