&هشام ملحم

كان اتفاق وقف العمليات القتالية في سوريا بين الولايات المتحدة وروسيا والذي أصبح ساري المفعول قبل 10 أيام، هشاً منذ بدايته، وشابته انتهاكات من مختلف الجهات وتحديداً من النظام السوري الذي ماطل في السماح بدخول قوافل الاغاثة الانسانية من تركيا الى المناطق المحاصرة في شمال سوريا وتحديداً مدينة حلب. وشكلت الغارة الأميركية غير المقصودة على موقع للجيش السوري في دير الزور، نكسة سياسية حاولت واشنطن من خلال اعترافها السريع بمسؤوليتها تخطيه. لكن الغارة الجوية التي تعرضت لها قافلة اغاثة مؤلفة من 31 شاحنة، والذي أدى الى مقتل 20 شخصاً، دفعت حتى أكثر المتفائلين في واشنطن وفي الامم المتحدة الى اليأس من امكان احياء الاتفاق. ومساء الثلثاء، حمّلت الولايات المتحدة روسيا رسمياً المسؤولية عن قصف القافلة، وذلك بعدما أكدت أجهزة الاستخبارات الاميركية ان طائرتين روسيتين من طراز "سوخوي" شاركتا في القصف. ولاحقاً قال نائب مستشار الأمن القومي بن رودس إن هناك جهتين مسؤولتين فقط: النظام السوري أو الحكومة الروسية، ثم أضاف: "وعلى أي حال فإننا نحمل الحكومة الروسية مسؤولية الغارات الجوية في ذلك الفضاء".

وعقب الغارة برزت تفسيرات روسية متضاربة، أولها ان القافلة تعرضت لقصف من المعارضة السورية، وتلت ذلك رواية عن حرائق شبّت في الشاحنات. ولكن بعد ظهر الثلثاء قالت وزارة الدفاع الروسية إن هناك شريط فيديو لشاحنة لـ"الارهابيين" محملة بمدفع هاون تواكب القافلة. وفسر البعض هذه الرواية بأنها تشير ضمنا الى ان الطائرات الروسية اعتقدت انها قصفت الشاحنة المسلحة.

الاهمية السياسية لهذا القصف المأسوي على أكثر من صعيد، هي انه عمّق الشكوك العميقة للعسكريين الاميركيين الذين يتحفظون لاسباب سياسية وتقنية واخلاقية عن التعاون العسكري مع دولة مثل روسيا تتهمها واشنطن باللجوء الى القصف العشوائي والتسبب بقتل المدنيين السوريين. وأكثر ما يخشاه العسكريون الاميركيون إذا أنشئ بالفعل مركز لتنسيق الهجمات المشتركة، ان يقصف الطيران الروسي مواقع مدنية، وان تشارك واشنطن في تحمل المسؤولية.

وبينما كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري يؤكد من نيويورك بعد اجتماعه بنظيره الروسي سيرغي لافروف، ان وقف النار لم يمت بعد، كان مسؤولون في وزارة الدفاع يقولون عبر تسريبات صحافية في واشنطن إن انقاذ الاتفاق لم يعد ممكناً. وكعادته واصل كيري مناشدة موسكو الضغط على نظام الاسد لوقف انتهاكاته. وكان أوباما قد سلّم بدور روسي أكبر في سوريا، الامر الذي عرضه لانتقادات جديدة قبل أشهر من انتهاء ولايته، وروسيا كانت تدرك توق أوباما للتوصل الى اتفاق يعزز سمعته.