&صحف عراقية: الانتخابات لتجديد البيعة للنظام… ومَن قتل أحلام العراقيين؟ وظاهرة الميليشيات المخيفة… والأحزاب الكردية تختلف على الاستقلال

&

مصطفى العبيدي&

&تنوعت مواضيع الصحف العراقية حول نقاط ابرزها غياب بدائل قوى السلطة، وقتل أحلام العراقيين، ورئيس الحكومة لا يعلم بالأمور، والخوف من نمو ظاهرة الميليشيات ،ومواقف الاحزاب من استقلال كردستان.

&لعبة البدائل&

وكتب ساطع راجي في صحيفة المدى المستقلة، مقالا جاء فيه « تسيطر على الحكم منذ عام 2003 القوى السياسية نفسها وهي تكاد تكون مطمئنة إلى عدم وجود بديل عنها مهما كان مستوى ادائها ومهما كان عدد الناخبين المشاركين في التصويت، لقد أحكمت هذه القوى جيدا اغلاق بوابة السلطة.

والأدوات الأساسية لإغلاق بوابة السلطة هي قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات، ومع أهمية هذه الأدوات لكن لا يمكن تجاهل عدم ظهور قوى سياسية منظمة وذات جماهيرية عالية تمثل الآن أو في المستقبل القريب بديلا عن قوى الحكم.

وفي مثل هذا الانغلاق السياسي يكون اللجوء إلى الاستجوابات البرلمانية وسحب الثقة والضغط عبر الاحتجاج السلمي والذهاب إلى القضاء هي الأساليب الممكنة للتغيير.

في العراق الحالة مختلفة، فالاستجوابات البرلمانية وعمليات سحب الثقة يقودها نواب عن كتلة ائتلاف دولة القانون وهي كتلة رئيس الوزراء نفسه لنسجل حالة استثنائية حيث تهدم كتلة رئيس الوزراء حكومة تقودها هي بالتدريج ويبدو أن ما اشار اليه وزير المالية هوشيار زيباري بشأن استجوابه هو الأكثر إقناعا لتفسير ما يحدث عندما قال ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يحاول اسقاط حكومة خلفه حيدر العبادي.

هذه لعبة سياسية وإعلامية كبيرة، لكن الحصيلة النهائية لهذه اللعبة هي أننا نعيش تصعيدا سياسيا غير مسبوق في المواجهة بين قوى السلطة نفسها نتيجتها الوحيدة اهدار أربع سنوات والتغطية على ازمات حقيقية واستحقاقات واجبة.

لا يمكن إلقاء كل اللوم على قوى السلطة وحدها ما دامت الساحة تخلو من بدائل حقيقية ومادام الناس مقتنعين بأن الحكام الفاشلين يصلحون للقيام بدور المعارضة، قوى الحكم مطمئنة ولاتريد غير مشاركة واسعة في الانتخابات للحصول على تجديد البيعة للنظام لا أكثر».

&

إنهم يقتلون أحلام العراقيين

&

ففي صحيفة الزمان المستقلة، كتب ماجد الكعبي مقالا جاء فيه ،» كان ناس العراق بعد التغيير الأمريكي للحكم عام 2003 ينتظرون ما ستدر عليهم الديمقراطية الموعودة فتمتلئ جيوبهم قبل بطونهم، حلموا بكهرباء دائمة ومياه صافية وأطعمة شهية وبيوت حديثة وشوارع نظيفة وسيارات أمريكية الصنع وطرق عريضة، حلموا بجوازات سفر، وسفرات سياحية إلى أرجاء العالم.

حلموا بما لم يحدث في ألف ليلة وليلة، حلموا بخدمات إدارية تحترم المواطن حين يراجع دوائر الدولة فلا يصده شرطي ولا يبوخه موظف، حلموا برواتب مجزية وحلم المتقاعد ألا يموت قبل أن يشمله التقاعد الديمقراطي الذي سيمسح كل آلامه السابقة.. أحلام وأحلام كلها وردية. وكانت الصحف التي أفرزها الاحتلال تصدر كل صباح ولسان حالها : انتظروا أيها العراقيون فستفتح لكم السماء أبوابها على يد بريمر، وستمطر عليكم مطراً من دولارات تنسيكم شقاء صدام وجلاوزته.. وأيضا تبشرنا الصحف بعدم سيطرة السياسيين على الصحافي، وان زمن شراء الذمم والضمائر ولى وانتهى.

ومضت الأيام والناس تنتظر الثمار، ويتداول الحكم من تداوله والناس لا تلمس شيئاً فلا الكهرباء دامت، ولا الجيوب، ولم تمطر السماء ذهباً بل أمطرت رصاصاً، وكثرت عذابات ومنغصات الناس يوماً بعد يوم، وتكاثر سراق المال الحرام، وأقصي الشريف، واستبعد الأصيل، وسحبت الثقة من المسؤول المخلص، وانتصر أهل الفساد على الوطنيين، ونُهبت الدولة وخزائنها والناهب هو من جاء ليصلحها ويحميها، ولم تسلم ألأرض من الأطماع فنُهبت القصور والمزارع والبساتين والأراضي كما نًهبت البنوك، ولم يُبلط شارع وفق الأصول والموازين، ولم تفتح مستشفى كمستشفى عدنان، أو مدينة كمدينة الطب، ولا جامعة كجامعة بغداد..!! كل هذا جرى بعد التغيير الذي كان عباءة غطت تحت طياتها البلاء والكوارث والويلات والمحن.

هكذا وأد اغلب الذين تسنموا المناصب وهم ليسوا من أهلها، وأدوا آمال الناس وأحلامهم حتى صار الناس لا يحلمون بالمال ولا بالعقار، فقط صاروا يحلمون بالاطمئنان وراحة البال، وأين هم من هذا والتهجير سحق الناس وقتلهم العطش وحر الشمس ووو، ويا أحلام العراقيين لكِ الله».

&

معلومات رئيس الحكومة

&

وتناولت صحيفة طريق الشعب الشيوعية دور الاحتلال الأمريكي في الفساد للكاتب اسعد عبد الله، جاء فيه» الحديث عن بعض المقاولين العراقيين ذو غصة في قلوب الناس، فئة من المقاولين قامت بسرقة المال العراقي، بشماعة الأعمار والبناء، هذه الفئة السيئة نمت برضع حليب الغزاة، حيث كان مشروع بريمر هو بيع الأوهام للعراقيين.

وبتصريح من مكتب المحاسبة الأمريكية الذي أجرى فيما بعد مراجعة لمشاريع الأعمار، التي كانت تحت إشراف القوات الأمريكية، تبين أنه سحب 21 مليار دولار من الصندوق، لكن المفتش العام أكد أن هناك 8.8 مليار دولار قد صرفت من دون مستندات صرف أو وثائق تبين كيفية صرفها، كما أنه تم صرف 7 مليارات دولار وفقاً لوثائق تحتوي على إشكالات وخروق بخصوص المطابقات، كما أن هناك مبالغ أخرى تصل قيمتها إلى 25 مليار دولار كانت قد دخلت صندوق التنمية، وصرفت في مشاريع أمنية من تجهيزات عسكرية وغيرها، المبلغ الكلي قيد التدقيق يبلغ 61 مليار دولار.

لكن كيف سرقت الأموال، وأين ذهبت أموال صندوق العراق، ولماذا سرقت أموال العراق؟

أتذكر قصة صديق قديم لي قال: طلبت لجنة أمريكية عام 2006 أعمار مدرسة فجلس المقاول وعمل دراسة للمطلوب فحسب أن تكلفة الأعمار المطلوبة هي ثمانية عشر مليون دينار، وله فيها خمسة ملايين صافي ربح فقدمها للجانب الأمريكي فقالوا له ما هذه الأرقام البسيطة ! فقالوا له أضف رقم صفر ليصبح المبلغ مائة وثمانين مليون دينار ولهم النصف! فوافق وفرح بشدة ! مع انه مال عراقي يهدر ويسرق بوضح النهار.

عمد الجانب الأمريكي على تنفيذ إعمال قشرية مثل صبغ المدارس أو توزيع حقائب أو بناء سياج أو أعمار رصيف وهذا يكون مقابل كلفة مضاعفة مئات المرات عن الكلفة الواقعية، ويتم تقاسمها مع المقاول، وهكذا تبددت الأموال بين سلطة غازية لا تهتم بأموال العراق ومقاولين لا ضمير ولا قيم ولا خوف من الله.

بالتالي أصبحت لدينا طبقة فاحشة الثراء، نتيجة مشاركتها الجانب الأمريكي في هدر الأموال العراقية. والحقيقة الحلم الذي نتمنى تحققه هو إن تحين التفاتة من القضاء العراقي لمتابعة أموالنا التي يتنعم بها السراق».

&

ظواهر مخيفة في الدولة العراقية

&

ونشرت صحيفة العالم المستقلة مقالا للدكتور عبد القادر القيسي، حذر فيه من « إن وصول العراق إلى هذه المرحلة الحرجة، وتشكيل ميليشيات مسلحة بين آونة وأخرى، ينذر بدخول البلاد في هاوية أمنية خطيرة، فكل يوم تظهر لنا ظواهر ميليشياتية، ورجال ونساء يقودون ميليشيا جديدة باسم جديد.

وتنتشر في العراق أكثر من مائة ميليشيا مسلحة وغالبها يعمل خارج سيطرة الدولة حسب ما صرح به رئيس الوزراء في أيار/مايو الماضي، وتشكل أغلبها بعد منتصف عام 2014 مع سيطرة تنظيم الدولة على اكثر من ثلاث محافظات.

والمشهد العراقي تبرز فيه بين فينة وأخرى شخصية ميلشياتية تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي وتدعمها وتستقبلها قيادات حزبية وحكومية ودينية ذات نفوذ وسلطة وبطريقة واضحة، وتشير بالدليل القاطع إلى ان بعض القيادات الحكومية لها دور في إخراج هذه الشخصيات بهذه الطريقة المخابراتية المدروسة لأهداف تراها الحكومة ضرورية لإخافة الآخرين وتحقيق مبدأ نحن هنا ولنا الصولة والقوة والفعل والمال والنفوذ، لكن فاتهم ان الدولة لا تقاد وفق هذه المفاهيم والأطر التي تؤسس بقوة للتجاوز على القانون بسهولة وستكون آثار ذلك، ضياع هيبة الدولة وسنحتاج إلى كتل بشرية هائلة لضبط الامن والنظام ولن يتم تحقيقه؛ لأن هيبة الدولة تقاس بقلة العناصر التي تحتاجها الدولة لضبط الامن وحماية المواطن، وللتذكير ان اعداد الشرطة في عهد النظام السابق كان ثمانين الف شرطي فقط في العراق وبهذا العدد كان الامن والنظام افضل بكثير، لأن قلة العدد كان بسبب هيبة الدولة. وفي سياق حمى تأسيس الميليشيات والتي باتت مخيفة، خاصة بعد ان صرح رئيس الوزراء مؤخرا، بان كثرة حوادث الاختطاف(محلات صيرفة غالبا) بانه لم يعد يفرق وهو رئيس الوزراء بين الإرهاب وحوادث الاختطاف، تأتي بعض الظواهر الميليشياتية عقب قرار مجلس الوزراء مؤخرا؛ باعتبار جميع الميليشيات المنضوية تحت راية الحشد الشعبي تصبح كقوة رسمية ترتبط في مكتب رئيس الوزراء؛ وذلك قد شجع شخصيات من التحالف الوطني لتأسيس فصائل مسلحة».

وكتب أنس محمود الشيخ مظهر مقالا في موقع كردستان 24 الالكتروني، جاء فيه « قبل اقل من شهر خرج الإعلام الإيراني بتصريح لنوري المالكي مفاده أن حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير لا يوافقان على انفصال كردستان عن العراق وأكد أنهما يجاملان حزب الأغلبية في حكومة إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني) في تصريحاتهم العلنية بالموافقة على الذهاب للاستفتاء. هذا التصريح كان يوجب على الحزبين اصدار بيانات نفي رسمية من اعلى هرم القيادة فيها إلا انهما احجما عن اصدار مثل هكذا بيان واقتصر ردهم على بعض اعضاء الاتحاد في تصريحات نفي خجولة، ما اعطى انطباعا لدى الشارع الكردستاني بصحة كلام المالكي وفق مبدأ (صدق وهو كذوب). لكن قوباد طالباني (ابن السيد جلال الطالباني) ونائب رئيس وزراء إقليم كردستان، نشر على صفحته الرسمية تصريحات تؤكد موقف الاتحاد الرافض للاستفتاء بل واستقلال كردستان، بحجج واهية.

فقد تساءل السيد قوباد طالباني عن (ان كان الكرد لا يستطيعون حل المشكلات السياسية والادارية الداخلية فكيف بامكانهم الاتفاق على مسألة مصيرية كالاستقلال؟) واضاف (انه من المتوجب ان يجعل من اعلان الاستقلال فرصة وكرنفالا على المستوى الدولي من أجل ميلاد دولة جديدة وليس اختلاق المشكلات والاوضاع المتوترة في الشرق الاوسط المليء اصلا بالأزمات) وأكد (على ان طريق الوصول للاستقلال كهدف كبير لا يمكن ان يتم اتخاذ قرار متسرع بشأنه لان الإقليم ليس مهيئا على المستوى الداخلي ولا خارج الإقليم، لذا فان الامر يستلزم المزيد من الوقت والعمل).

هل يعقل ان يتحول خيار استقلال كردستان من قرار لشعب كردستان إلى قرار لاحزابه بحيث تؤثر خلافاتهم السياسية عليه؟، ثم ما علاقة المواطن الكردستاني بمشاكل حزبية لا تعبر عنه ولا تمثل اولوية عنده طالما هي متمحورة في المنافسة على المناصب والنفوذ؟

ان كل هذه النقاط هي مبررات واهية لا تمثل حقيقة الاسباب التي تقف وراء رفض هذه الأحزاب او بعض اعضائها للذهاب إلى خيار الاستفتاء، والسبب الحقيقي هو أن هناك جهات إقليمية ليس من مصلحة امنها الوطني ان تستقل كردستان ولذلك فهي تحاول اثارة مشاكل داخلية بواسطة اطراف معينة لاضعاف الجبهة الداخلية، وبالطبع فان هذه الجهة الإقليمية تعودت على تحقيق اهدافها في كل الاماكن بتحريك اذرعها فيها، مما يحتم على الشعب وحكومة إقليم كردستان الانتباه ومعالجة الامور بمزيد من الحكمة والهدوء كي نحقق في الوقت المتبقي ما كنا نصبو اليه من عقود».