عبدالله العقيل&& & &&

عندما تتابع الحراك الثقافي السعودي وتتابع المعارك الأيديولوجية التي نعيشها يوميا، سواء في الإعلام أو في وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى في مجالسنا العامة والخاصة، سوف تنتهي إلى حقيقة واحدة يشترك فيها معظمهم، وهي: "الترميز والتقديس المبالغ فيه". طبعا من حق أي شخص أن يرمّز علما من أعلامه أو شخصية يراها تستحق الترميز، أنا لا أتدخل في عواطفك وقلبك. ولكن حتى تتضح الصورة أكثر تعال نتابع أشهر ثلاثة تيارات في الساحة، وهي: التيار الإسلامي -السلفية كنموذج-، والتيار الليبرالي، والتيار القومي.

نبدأ بالتيار الإسلامي الذي دائما يردد لا قدسية لبشر، وكلٌّ يؤخذ منه ويرد ما عدا نبي الأمة، ولكن بمجرد أن تنتقد ابن تيمية -كمثال- تتفاجأ بأن "أغلبهم" يرون أنك عدو مبين، وقد يخرجونك من دائرة الدين. أما التيار الليبرالي والذي دائما ينتقد الإسلاميين في مسألة تقديس البشر وترميزهم، "فأغلبهم" لا يختلفون كثيرا عن خصومهم، وأتحدى أن يُسمح لأي شخص بانتقاد غازي القصيبي -كمثال- في ملتقياتهم أو حتى في مجالسهم العامة. بل إني أعرف من الليبراليين من يقول: لا أستطيع أن أصرح برأيي الحقيقي عن القصيبي في هذه المجالس! فهل غازي القصيبي فوق النقد؟ ولماذا "أغلب" الليبراليين يلومون الإسلاميين في غلوهم بابن تيمية ولا يلومون أنفسهم في غلوهم بالقصيبي؟

المشهد نفسه يتكرر مع "أغلب" القوميين والذين يؤمنون بالتعددية الدينية والعرقية والثقافية تحت مظلة الهوية العربية. حاول أن تنتقد جمال عبدالناصر -كمثال- سوف تجد من يتهمك بالعمالة والخيانة والصهيونية. في كل الأمثلة الثلاثة يتضح لنا أن أشهر الأيديولوجيات في ساحتنا الثقافية تشترك في شيء واحد ورسالة واحدة تقول: "من حقي أن أنتقد رموزك، وليس من حقك أن تنتقد رموزي". وكلهم يدّعون الإيمان بالاختلاف في تنظيرهم، ولكن ممارساتهم تقول عكس ذلك.

في الختام لاحظ أنني ذكرت كلمة "أغلب" كثيرا للابتعاد عن التعميم.

&