&حسين شبكشي&

الشركات الكبرى تظل في أعين الكثيرين من المراقبين والمحللين المعتبرين أهم من الحكومات. والشركات المعنية هناك هي الشركات الكبرى متعددة الجنسية، والحكومات «الكبرى» تعي خطر هذه الشركات جيدًا، ودومًا ما تحاول إبقاءها «تحت السيطرة»، تارة بالملاحقة القضائية وتارة بالقوانين «الجديدة» وتارة بالتضييق عليه ضريبيًا.

وقد قام الاتحاد الأوروبي أخيرًا بمعاقبة شركة «أبل» العملاقة، التي تتخذ من آيرلندا مقرًا لها في القارة الأوروبية حيث غرّمها 14 مليار يورو بسبب «تهربها» من سداد الضرائب، وهو قرار اعتبره معظم الاقتصاديين تعسفيًا وظالمًا، وينتظرون أن يطال قرار آخر شبيه له شركة «أمازون» للتجارة الإلكترونية، وهي التي تتخذ من لوكسمبورغ مقرًا لها في القارة الأوروبية.

ورأينا قبل ذلك القرارات «العنيفة» من قبل الحكومة الأميركية بحق كل من شركتي «فولكس فاغن» و«تويوتا»، وهما أكبر شركتي سيارات في العالم تهددان شركة «جنرال موتورز» الأميركية لصدارة شركات السيارات حول العالم. وقد جاء القراران اللذان حملا تكاليف مالية باهظة الأثمان على الشركتين، بالإضافة إلى تكلفة مهولة على سمعة الشركتين ومصداقيتهما، مما أفقدهما حصصًا حساسة في السوق العالمية.

ورأينا كذلك تسلط حكومة الصين على شركة «غوغل» العملاقة وحظرها بالكامل هي ومنتجاتها الأخرى كالبريد الإلكتروني المعروف بـ«جيميل» ومنصة السماع والمشاهدة المعروفة باسم «يوتيوب»، وطبعًا كانت هناك مواقف معروفة في الغرب ضد الشركات الصينية العملاقة، فالولايات المتحدة الأميركية تمنع تمامًا شركة «هواوي» الصينية العملاقة للإلكترونيات والاتصالات من التقدم على منافسات ومناقصات أي مشروع حكومي في الولايات المتحدة الأميركية، تحت بند الحماية ضد التهديد الأمين القومي لأميركا، فالولايات المتحدة تعتبر شركة «هواوي» (وشركات أخرى عملاقة في الصين) ليست شركات تجارية، بل إنها كيانات ذات صبغة تجارية، ولكنها مملوكة للجيش الصيني وأجهزة الاستخبارات فيه، والاتحاد الأوروبي يحظر الشركات الصينية الكبرى في الدخول في منافسات حكومية، بحجة عدم ملاءمتها للمواصفات.

اليوم هناك حروب ليست بالضرورة أن تكون باردة أبدًا، ولكنها في غاية السخونة بين الشركات الكبرى وبين الدول، لأن الشركات الكبرى أصبحت إحدى أهم أذرع «الدول» تأثيرًا، لأنها قادرة على كسب القبول العالمي والشعبي العريض بالمنتجات والخدمات التي تقدمها أكثر من كل السياسات التي تصدرها.

إنه الشكل الجديد للحروب والصراعات. كما كان لشركات البترول باع في ذلك الأمر في القرن الماضي، دخلت على الخط شركات الاقتصاد الجديد لتقوم بالأدوار القديمة نفسها. مرحبًا بكم في القرن الجديد.

&

&

&

&