&خليل علي حيدر&

لا تهاجر القوى العاملة البشرية وحدها إلى المنطقة الخليجية ومنها الكويت بالآلاف للعمل، بل إن هذه الدول كذلك.. من أبرز مقاصد هجرة الطيور بأنواعها!

وقد يتجاهل البعض «مكانة وعراقة» هذه الكائنات الجميلة العجيبة الطائرة والمهاجرة من منطقة إلى منطقة دون استخدام أدوات تحديد الاتجاه والمواضع ودون بوصلة، وينسى هؤلاء عادة أن الطيور ربما كانت صلة الوصل التي لاتزال حية، والتي تربط بين الأزمنة الحديثة والعصور السحيقة من تاريخ ظهور الحياة وتطور الممالك الحيوانية والنباتية.

فالطيور، إن صدق التحليل العلمي ونظريات علم الأحياء، من أعرق الكائنات وربما أقدمها سلالة ومكانة، بسبب انحدارها من تلك الحيوانات المرعبة «الديناصورات» التي كانت تملأ أراضي السهول وسماءها، ثم انقرضت قبل نحو خمسين مليون سنة.. مخلفة وراءها النفط والطيور!

فتأمل هذه العراقة والأصالة في مجال الطيران، التي لا ينافسها فيها أي خط من خطوط الطيران.

الجمعية الكويتية لحماية البيئة، أكدت قبل عام وهي تفتتح معرض صور الطيور المهاجرة والمستوطنة، أن هذه الصور «تبرز مكانة الكويت التي تعد أحد أهم مسارات الطيور في العالم». وأكد عضو فريق «رصد وحماية الطيور» أنه من خلال عملياته الحقلية والميدانية، رصد 402 من أنواع الطيور في البلاد، حيث يتم توثيق ذلك في تقاريره السنوية، مؤكداً «أن مجموع التقارير التي يعدها فريق الجمعية تجاوز عشرة تقارير حتى الآن، وتُعتمد من الجهات الدولية المعنية بالطيور في العالم» (القبس 9-3-2015).

الإنسان ببنادقه ووسائل صيده، أخطر أعداء الحيوان والطير كما هو معروف. ولكن خطورته لا تزول حتى عندما تهدأ أصوات البنادق، إذ تقوم المخلفات البلاستيكية عبر المحيطات بدور مماثل يهدد حياة الطيور، حيث تبتلع بعضها، ظانة أنها من الكائنات البحرية والأسماك.

المحيطات في العالم باتت تعج بالمخلفات البلاستيكية، مما يهدد الحياة البحرية والجوية والأرضية!

يقول علماء البيئة: «إنها كمية تكفي لوضع ما يعادل خمسة أكياس بقالة مملوءة بالمخلفات البلاستيكية على كل 30 سنتيمتراً من طول سواحل كل دولة في شتى أرجاء العالم».

نحو ثمانية ملايين طن متري من هذه المخلفات تتسلل إلى المحيطات كل عام من 192 دولة ساحلية في العالم، حسب إحصاءات عام 2010. وقدر العلماء أن الكمية عام 2015 قد تكون أكثر من تسعة ملايين طن.

النفايات البلاستيكية وجه واحد من أوجه تلويث الإنسان للبحار وللكرة الأرضية، حيث يمتد التلوث والتدمير إلى الغابات والبراري والأنهار والحقول والهواء!

تقول وكالة رويترز: «الصين مسؤولة عن معظم تلوث المحيطات بالبلاستيك سنوياً بما يقدر بنحو 2.4 مليون طن - أي نحو 30 في المئة من الإجمالي العالمي - تليها إندونيسيا ثم الفلبين وفيتنام وسريلانكا وتايلاند ومصر وماليزيا ونيجيريا وبنجلاديش. والولايات المتحدة هي الوحيدة من الدول الصناعية الغنية المدرجة ضمن قائمة أكبر عشرين دولة في العالم تلوث المحيطات بالمخلفات البلاستيكية وترتيبها العشرون أما الدول الساحلية التابعة للاتحاد الأوروبي فتحتل مجتمعة المركز الثامن عشر». (القبس، 15-2-2015).

نائب مدير عام «هيئة البيئة» الكويتية، د. محمد الأحمد، تحدث في مقابلة مع صحيفة «الأنباء» عن حجم خسائر البلاد من الأرض والمال بسبب كمية النفايات وحجم المرادم، وقال: «نتحدث عن 20 مردماً مختلف الأنواع، قيمة أراضيها تزيد عن 30 كيلومتراً مربعاً بالإضافة إلى الأراضي الواقعة حولها والتي لا يمكن استغلالها تصل إلى أكثر من 10 مليارات دينار».

وأضاف أن كلفة التدهور البيئي «تصل إلى 600 مليون دينار». (27-3-2016).

وبمقاييس حجم دولة كالامارات العربية المتحدة مثلاً، والتي تبلغ مساحتها 84 ألف كم2 تقريباً، وتساوي نحو أربعة أضعاف ونصف مساحة الكويت، 18 ألف كم2، فإن المساحة التي تستغرقها مرادم النفايات الكويتية البالغة 30 كيلومتراً مربعاً، ستكون المساحة 135 كم2، تضاف إليها مساحات محيطة غير قابلة للسكن قد تبلغ 15 كم2.. فيكون الإجمالي 150 كم2.

الكثير من الكويتيين يخرجون إلى مخيمات يقيمونها في البر بعد انتهاء أشهر الصيف، ويبقون فيها ما بين ثلاثة وستة أشهر، فماذا حدث للبر من جراء تجاوزات وإهمال البعض؟ يقول المسؤولون وهذا ما نشرته الصحف: «الانتهاكات والتعديات» هي مصير بيئة البلاد البرية المحتوم، القانون بعقوباته الخفيفة والمغلظة لم يمنع هذه التجاوزات، هذا البر الذي التقط أنفاسه خلال موسم التخييم الماضي، حيث شهد نوعاً من الصرامة في تطبيق القانون ومنع التعديات، عاد ليشهد مجدداً خراباً ودماراً خلفه موسم التخييم الأخير» (القبس 7-4-2016).

وأضاف المسؤول: «هذه الانتهاكات البيئية ليست اليوم إلا شاهداً على قلة الوعي البيئي لدى رواد البر من جهة وغياب الرقابة وضعف تطبيق القانون، بينما تكمن المصيبة الأكبر في الأسلوب الذي اعتادت الجهات المعنية على اتباعه بإلقاء كرة المسؤولية عما جرى بين بلدية الكويت المعنية أولاً وأخيراً بتنظيم التخييم وبين هيئة البيئة المعنية بمراقبة الموسم، فيما يغيب الحد الفاصل بينهما وهو قانون البيئة رقم 42».

أحد المسؤولين البارزين أضاف: «أن هيئة البيئة رصدت مخالفات عديدة في موسم تخييم 2015-2016 أبرزها، استخدام الاسمنت والمواد الإنشائية في المخيمات بشكل كبير، وضع أسوار ترابية وغير بيئية كاستخدام الإطارات حول المخيمات بشكل ملحوظ في شمال كبد، إلى جانب رصد أنقاض لمخيمات من المواسم السابقة في موقع الجويهل، وتكدس للنفايات والمخلفات بسبب عدم توافر الحاويات بين المخيمات، فضلاً عن الرعي الجائر، إقامة المخيمات دون ترخيص وفي المناطق الممنوعة.

حماية البيئة من جانبهم لم يستسلموا لهذا الواقع.

المزارع الكويتي «ناصر العازمي»، أعلن قبل أكثر من عامين أنه سيتبرع بزراعة مائة ألف سدرة جنوبي الكويت لتخضير البلاد (القبس، 1-10-2014).

ولا أعرف كم تم من إنجاز هذا المشروع الرائع!