إبراهيم الموسى 

عندما ينحدر ما كان يُعتقد أنه خصومة سياسية أو مناكفة إقليمية أو تعدد فكري طائفي إلى انتهاج أسلوب الضرب تحت الحزام، كما يحدث حاليا من ملالي إيران ومن يدور في فلكهم تجاه المملكة العربية السعودية، فاعلم تمام العلم أن ما بدا لك من قبل بأنه حالة يمكن البحث فيها عن قواسم مشتركة لاستمرار ولو الحد الأدنى من التعايش الذي تفرضه حقائق الجغرافيا ووقائع التاريخ، كان في الواقع تدليسا و"تقية" مارسها الفكر الصفوي، ويقبع خلفها كمّ هائل من الأضغان والحقد التاريخي على هذه الأمة، باستهداف مكونها الرئيس.

وأخذا في الاعتبار أن الإسلام السنّي هو الأمة، انطلاقا من حساب النسبة والتناسب مع أي تصنيفات طائفية أخرى، فإن المتتبع للأحداث يعجب أشد العجب من أن طائفة قليلة "في حدود العشرة بالمئة" منخرطون للأسف حتى النخاع في التصدي لعموم هذه الأمة تعديا وتحديا وتسفيها بمعتقداتها ومبادئها في سعي مسعور كان يفترض أن عقلاء القوم "إن كان فيهم عقلاء" يدركون أنه لعب بالنار، وتجاوز لكل ما يمكن التعامل معه أو حوله.

المملكة قادرة بإذن الله وفضله، ثم بقيادتها الحازمة وسواعد أبنائها أن تدافع عن نفسها عندما يتعلق الأمر بشؤونها الداخلية والخارجية، فإلى جانب القوة الصلبة الضاربة للسعودية فإن لها أيضا قوتها الناعمة، بما تملكه من تأثير إنْ في محيطها الإسلامي، باعتبارها بالنسبة لعموم المسلمين كالقلب لسائر الجسد، أو بسبب موقعها الإستراتيجي جغرافيا، أو اقتصادياً بسبب مواردها الطبيعية ومخزونها البشري قياسا بمن حولها، أو سياسيا بسبب علاقاتها الدولية الواسعة، أو إنسانيا بسبب وقوفها الدائم مع الإنسان في كل مكان من العالم، يدا تطعم وبلسما يداوي. 

والمملكة أيضا تتحمل باقتدار هَمّ الأمة كلها انطلاقا من أنها تحتضن الحرمين الشريفين، وقبلة كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها.

ولأن المعركة في واقعها معركة فكر، وسلاحها الأقوى هو الإعلام، فإنه لا يخالطني أدني شك في أن المملكة اختارت الطريق الصائب منذ نشأتها عندنا تبنّت منهج الفكر الوسطي الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، وبجهودها في محاربة الإرهاب بشهادة العالم أجمع، وبتركيزها على التنمية بكل جوانبها، وقطعت في ذلك شوطا كبيرا في حسم تلك المعركة، وإن بدا أنها لم تحسم بعد.

في حين أن الصفويين الجدد بإيران ومن لفّ لفهم اختاروا الجانب الخطأ من المعركة، بدعمهم للإرهاب ووقوفهم ضد السواد الأعظم من الأمة، بكل خبث وانتهازية، وهم دون أدنى شك خاسرون على المدى المتوسط والبعيد، وإن بدا لهم على المدى القصير إعلاميا أنهم يحققوا بعض المكاسب هنا أو هناك، فالعبرة بالمآلات. ولأنه في نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح، فإنني متفائل بمآلات الأمور، انطلاقا من حجم الالتفاف حول الوطن وقيادته، ولكننا ما زلنا وعلى المدى القصير في حاجة إلى مزيد من التحرك الإعلامي إقليميا وعالميا وفق خطط مدروسة من شأنها تفعيل كل الإمكانات القادرة على الدفاع عن الوطن. 

حفظ الله بلادنا المملكة العربية السعودية من كل سوء ومكروه.