عبدالله العوضي

للسنة الثانية على التوالي يعيث «الحوثيون» في يمن الحكمة ويسعون في أرضه بالفساد ليس بصوره المعتادة في أي دولة تعاني نسبياً قليلاً من ضغط الفساد على مؤسساتها وأدائها السياسي والإداري قبل الوصول إلى مرحلة الدولة الفاشلة.

كيف يتخلص الإنسان من الحصوة في كليته، بمواد مدرة للماء أو عملية ليزر لكسر الحصوة، ومن ثم خروجها من مجراها المعتاد، أو عملية جراحية مباشرة وينتهي الأمر في سويعات.

أما كلية اليمن فقد سكنت فيها «حصوة» الحوثيين واستوطنتها، حتى جاءت «عاصفة الحزم وإعادة الأمل» لإزالتها من جذورها، حتى لا ينبت غيرها لا في اليمن ولا في غيره من الدول المبتلاة بأمثال «الحوثيين» وإن تعددت أشكالهم وتنوعت مذاهبهم الفكرية، إلا أنهم متساوون في درجة السمية في هدم أفضل مكتسبات مجتمعاتهم التي أوشكت على النهوض، فجاءت «الحوثية» ومن والاها للإجهاض على أجنة التنمية غير المستدامة، فضلاً عن التفكير جدلاً في المستدامة.

وحاث وفد الحوثيين في العراق من أجل الاعتراف بـ«المجلس السياسي» الوهمي وأثناء استكمال خطوات «الحثو» في طهران ولبنان لذات الهدف انقطع الحبل عن الوصول وعادوا فجأة إلى عمان حيث اللقاء بالمبعوث الأممي الخاص باليمن للتوصل من جديد إلى حل سلمي بعد أن أعطوا مهلة الخمس وأربعين يوماً من أرض السلام في الكويت.

خلال فترة المهلة الممتدة التي استغلها «الحوثيون» لاستعادة أنفاس القتل والمزيد من الدمار، بل والإصرار على تدمير ما هو مدمر أصلاً من قبل، على أمل الوصول إلى التخلص من يمن العروبة والإسلام إلى يمن «الفرسنة» ورفع راية الطائفية عالياً على كل مكونات اليمن الحية!

فالمطلوب من التحالف المستمر في الدفاع عن الشرعية بالنفس والنفيس الالتزام بعدم السماح للحصوة «الحوثية» في الكلية اليمنية بالنمو والتضخم أكثر من حجم الكلية ذاتها وإلا انقلبت المعادلة الشرعية في اليمن رأساً على عقب والتي من أجل عدم حدوثها يخوض أسود التحالف وشهداؤه الحرب الشرعية هناك حتى يرضخ كل حوثي للمطالب الدولية والخليجية والوطنية بكل أطيافها في الداخل المكلوم بسهام الغدر والجبن والخيانة العظمى.

يجب ألا نفزع لسقوط الشهداء في تلك الساحة العادلة، بل يجب تقديم المزيد حتى النصر المبين، فالتراجع عن ذلك أمنية «الحوثيين» وأعوانهم المتربصين باليمن والدول المحيطة به من أجل اعتلاء عرش الطائفية في المنطقة ككل وليس اليمن فحسب.

هي خطوة خبيثة لاجتثاث بقية الحق والخيرية الربانية في الأمة العربية والإسلامية، وبأيدي أدعياء الإسلام وهم من ذبح الإسلام السمح بسلاح «الشعوبية» التي تلبس لبوس الدين وتدغدغ مشاعر المصنفين لدى «إيران» الاثنى عشرية، بالمستضعفين في الأرض، وبزعم انتشالهم من مرض الاستضعاف بأيدٍ ملطخة بدماء المستضعفين أنفسهم!

لقد كشَّر «الحوثيون» عن نواياهم السياسية في هذه الفترة التي يجب فيها الإعداد لما يدفع طاولة سلام المحادثات في عاصمة غير معروفة يقيناً وإن أبدت «أوسلو» استعدادها لإتمام هذه المهمة التي فشلت فيها سابقاً مع أخطر قضية سرقة على مر التاريخ، عندما قام «وعد بلفور» بسرقة فلسطين وتسليمها إلى يد الصهيونية العالمية ليتسبب في محنة قاسية طال أمدها لقرابة سبعة عقود لم ينل خلالها الشعب الفلسطيني قطميراً من حقه، وقد حاولت «أوسلو» لعب دور في التسوية ووقعت فيها الاتفاقات الشهيرة ولكن نتنياهو كان أول المتنكرين لها، حتى جاء شارون وأشعل فتنة «حماس» و«عباس» المستمرة في سريانها حتى غابت عن أذهان الساسة المعنيين بعد أن دخل «الحوثيون» و«الداعشيون» و«القاعديون» ومن لف لفهم على خط فلسطين، حتى قطع بيمين المتطرفين، وكنا نصغي من قبل لـ«يميناً فلسطين لن نركعا.. الخ)، فقفز الإرهاب والتطرف إلى أول الصف والقضية الجوهرية للعرب والمسلمين قاطبة بلا صف.

فعلى التحالف اليوم تيئيس «الحوثيين» في نيل مطالبهم بفرض القوة على الأرض وأخذ اليمن عنوة من أهله واغتصاب بقية الدولة القائمة فيه ببديل «المجلس السياسي» الذي يراد أن يكون أداة سياسية مقبلة في مرحلة المحادثات القادمة غير معلومة المكان حتى الآن.

فالقوة الغاشمة لا يمكن إزالتها إلا بقوة حاسمة وحارقة تذيب تلك الحصوة «الحوثية» في الكلية اليمنية، قبل أن تستبدل بأخرى «حوثية» يصعب العيش والتنفس من خلالها إلا بشق الأنفس وضياع الوطن الأنْفَس.

من واجب التحالف في هذه المرحلة الحرجة من حياة اليمنيين أن تقرب النصر إلى القوسين وتهيئ النفوس التواقة للتضحية ورؤية بريق الحياة الطبيعية وعودتها إلى كل يمني كاد يضيع وطنه، ومن ضاع وطنه أين يجده؟!

لا نود أن تطول الحرب إلى سنة أخرى إلا وقد تحرر اليمن الذي اختلط ترابه بدماء شهداء التحالف، ولذا فلابد من دحر كل متجبر «حوثي» لا يؤمن بيوم الحساب، وقد اقترب النصر رغم أنف إيران و«حزب الله» اللبناني والعراقي أخيراً.