علي سعد الموسى

في قلب قلعة الكتلة الإعلامية الأقوى، والأكثر حرية وشراسة "الإعلام الرياضي"، جرت بنجاح باهر عملية اقتراع ديمقراطي لاختيار المجلس الجديد لرئاسة اتحاد القدم السعودي، وفي حدود المعلومة لدي، كانت أول ممارسة ديمقراطية محلية تنقلها ثلاث فضائيات مباشرة، وتحلق فيها الكاميرات المتعددة لتسرق حتى أرقام المتصلين على المترشحين قبل وأثناء وبعد انتهاء الحفلة. اكتملت شروط العقد الديمقراطي بكل شفافية حتى وهي تختار للمنصب الساخن في عالم الرياضة من ظهر إلى ميدانها فجأة وبلا سابق تاريخ في العمل الرياضي، على حساب منافسين كانوا أكثر منه مراساً وخبرة وسيرة ذاتية. الديمقراطية هي رهانات الظل وشبكة ما يحدث من ربط هنا أو هناك، ومن الشجاعة بمكان أن يقبل الخاسر هذه النتيجة. الديمقراطية ليست الحل الإنساني المثالي لاختيار الأكفأ والأجدر، ولكنها المفتاح الذهبي لتطمئن الأنفس على عدالة الفرصة.
والخلاصة من الدرس: نجحت العملية الديمقراطية لدينا في أماكن ولكنها سجلت فشلاً ذريعاً في أماكن أخرى. نجحت في الرياضة وفي عالم غرف التجارة ولكنها لم تسجل ذات النجاح مثالاً في المجالس البلدية، وفي المرحومة ديمقراطية المجالس والمناصب الجامعية. باختصار، يفشل المنهج الديمقراطي على المسرح المحلي عندما تدخله الأدلجة وصراعات المدرسة. عزف الجمهور عن الذهاب إلى دورات المجالس البلدية اللاحقة حين فشل أباطرة القوائم الذهبية والماسية في الدورة الأولى عن التفريق ما بين طبيعة المجلس البلدي وبين مهام مكاتب الإرشاد والدعوة. لم يكن كثير منهم يذهب للترشح في المجلس البلدي إلا من أجل استعراض النفاذ وبرهنة اتساع القاعدة الشعبية ثم فوجئوا على الطاولة أن المسألة برمتها ليست بأكثر من خدمات بلدية.
كنت طالباً جامعياً عندما كانت عمادات الكليات وأقسامها الأكاديمية عبر الاقتراع وصوت الصندوق الانتخابي. وللتاريخ، فلم ينتزع هذا الحق من أساتذة الجامعات شيء مثلما انتزعته حروب الكلام الطاحنة فيما بينهم في ذلك الزمن، قبل أن تلغى هذه الممارسة الديمقراطية وتستبدل بالتعيين. كان حلا أعاد للجامعات هدوءها بل أعادها إلى مهمتها الأساسية في البحث والتدريس التي أفقدتها إياها تلك الحروب والمعارك الخاوية. ويحزنني جداً أنني عشت كل هذا الزمن فلم أذهب فيه لصندوق الاقتراع ناخباً سوى لمرة يتيمة ولن أكرر التجربة فيما بعد. لكن الإخوة في العمل الرياضي وبكل دهشة ما قبل الأمس في كل شيء ربما فتحوا للجميع نافذة جديدة للأمل.