فاتح عبدالسلام
لا يزال هناك اجماع لدى أهالي الموصل على الأخلاق المهنية العالية التي يتمتع بها ضباط وجنود جهاز مكافحة الارهاب ،أصحاب التضحيات الكبيرة ،في عملية تحرير الأحياء السكنية المتميزة بالحرص على أرواح المواطنين الذين كانوا يقدمون كل الدعم لهذه القوات وهي تتقدم للقضاء على داعش . وكانت الافلام التوثيقية الحية التي بثتها القنوات المحلية من الأحياء السكنية المحررة شاهداً على الترحيب العالي من الموصليين بالقوات المنضوية تحت هذا الجهاز وعموم قوات الجيش العراقي، بعد أن لمسوا لديهم تمييزاً واضحاً ومدركاً بين تنظيم داعش المتخفي بين الشوارع والبيوت وبين الناس الواقعين تحت احتلال تنظيم ارهابي يحرق الأخضر واليابس من أجل بلوغ أهدافه التدميرية .
لكن الأهالي في مناطق سكنية أخرى باتجاه نطاق عمليات الشرطة الاتحادية لا يشعرون بهذا الشعور، أو بنفس الدرجة من الاطمئنان، بسبب كثافة القصف بالهاونات والرشاشات الثقيلة على المناطق الآهلة بالسكان التي احتمى بها داعش من دون ترو أحياناً تحت ضغط العمليات العسكرية ولا نقول عن عمد وقصد، وهي مسألة لابد أن تنال عناية مشددة من القيادات العسكرية لتحقيق أعلى درجة من الانضباط في عملية تحرير الموصل ، لكي لا تحدث ثغرات يستغلها التنظيم الارهابي الذي يصطاد في المياه العكرة كأسلوب عمل ونهج عام له .
هذا الكلام لا يهدف الى اتهام جهة أو شخصية لكنه ينقل رسائل وصلتنا من داخل الاحياء التي تشهد قتالاً ، وتسترعي الانتباه لكي يتم انجاز صفحة التحرير من دون ترك أية أوراق يلعب بها التنظيم ، وخاصة في الجانب الأيمن من الموصل الذي لم تبدأ فيه العمليات العسكرية ولايزال تحت قبضة التنظيم .
إن نجاح عملية تحرير الموصل بالمواصفات المنضبطة الخالية من الخروقات ضد الأهالي وممتلكاتهم ، سوف تؤسس لصفحة نظيفة يمكن أن تعقب العمليات العسكرية بالرغم من كل الهواجس النافرة بالخوف من قتامة المشهد بالموصل بعد سنتين ونصف من اختطاف المدينة وناسها وبث الموت فيها . بيد إن الأخطاء مهما كانت صغيرة أو هامشية فإن أثرها سيكون تدميرياً وسينعكس على العلاقة المستقبلية بين المواطنين وأية سلطة ستتولى الادارة والأمن في اليوم التالي لعملية التحرير الكامل للموصل ، وصلتنا تقارير واشارات عن عدم رضا بعض القادة العراقيين من اصحاب الشهامة على سلوكيات غير منضبطة من العناصر الصغيرة في الوحدات ،لكن هذا لا يكفي ،ولابد من ردع أي تجاوز مهما كان صغيراً بقوة وحزم وعدم مراعاة أية مرجعيات وأغطية سوى الشرف العسكري والرجولة العراقية و المباديء القيّمة التي كان قد بني عليها الجيش العراقي من تأسيسه.
التعليقات