الياس الديري

لا شكَّ في أن لبنان يحتاج الى تحرّك على مستوى المسؤولين الكبار، ووفق خطة مدروسة تساهم في إعادة ثقة الأشقاء والأصدقاء به، وخصوصاً في هذه المرحلة العربيَّة الحرجة.
أجل، يحتاج لبنان الى خطة تتوزَّع مهماتها على وفود من المؤهَّلين والناجحين، تزور دول المنطقة، ودول أوروبا والأميركتين، بلوغاً الهند، والصين أيضاً.


نعم، يحتاج بلدنا الصغير العائد من مسلسلات حروب وأزمات وفراغات، استهلكت كل ما كان يميّزه في الزمن الجميل، وكل ما كان يجذب إليه المبدعين والناجحين والنجوم في كل الميادين.


كثيرون من الأشقاء العرب، ومن الأجيال الجديدة، لا يعرفون شيئاً مهماً عن هذا اللبنان، وكيف كان ذات زمن مضى، وكيف وصل الى هذا الوضع الذي "جرّده" من كل ما كان يميّزه... ويجذب السياح والمصطافين بالآلاف اليه وعلى مدى الفصول. وبإقبال، وانبهار، وإعجاب، يبلغ أحياناً درجة "الغرام".


لا يكفي أن يتمكّن لبنان من انتخاب رئيس للجمهورية، وتأليف حكومة متآلفة، بعد انتظار قارب السنوات الثلاث. المطلوب إعادة تذكير الناس والبلدان والشعوب بـ"وطن النجوم" و"الوطن الرسالة"، وحيث كل شيء جميل وقريب من القلب، قريب الى درجة أن الغريب يشعر فور هبوطه من الطائرة أنه قريب من هذا البلد، وناسه، ومناخه، ومشاهده.


لا بد من التذكير هنا بالمودّة السعودية المزمنة تجاه لبنان، والمساعدات التي لم تتوقَّف منذ عهد المؤسّس الكبير الملك عبد العزيز آل سعود، ومواصلة المملكة في كل العهود اعتبار لبنان الأقرب إليها في كل حالاته. وحتى لو ارتكب بعضهم خطأ غير مقصود، أو أتى بهفوة غَلَب عليها الطيش...
لذا تكون الزيارة الأولى للرئيس ميشال عون في اتجاه الشقيقة الوفية، تلبية لدعوة ملكها خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز فاتحة خير، وانطلاقة جديدة.
ومَنْ من كبار المسؤولين، وكبار السياسيين، وكبار المرجعيات، والألوف المؤلفة من الناس العاديين لا يتذكَّر دائماً وأبداً لهفة الملك سلمان على لبنان، وبيروت، التي يحب، واللبنانيين الذين استقبلتهم الرياض بمئات الألوف كما لو أنهم من أبنائها، تنفيذاً لتعليمات خادم الحرمين يوم كان أمير الرياض؟
لقد سَرَّني في قول القائم بالأعمال في السفارة السعودية وليد البخاري لوفد رجال الأعمال اللبنانيين "إن متانة العلاقات بين لبنان والسعوديَّة متجذِّرة كصلابة الأرز في ثباته وعنفوانه على مرِّ العصور"...
إذاً، على الحكومة، التي تخطو بثبات ونجاح كما يبدو من قراراتها الأخيرة، أن تأخذ في الاعتبار اقتراح "إعادة تعريف العالم بلبنان". وانطلاقاً من زيارة السعودية وما يليها من زيارات لدول الاتحاد الخليجي... فدول العالم: لبنان المحب، لبنان الهني، لبنان الوفي لأشقائه والحريص على أصدقائه.