المغرب: تخوفات من حصول أزمة برلمانية واتجاه نحو فرض عزلة على «العدالة والتنمية» والانقلاب على إرادة الناخبين

الطاهر الطويل

 أعلن رئيس الحكومة المغربية المعيّن، عبد الإله بن كيران، أنه سيجتمع برؤساء الأحزاب الممثلة في البرلمان كافة للنظر في سبل تفعيل مخرجات المجلس الوزاري الأخير وخاصة المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.

ونقل الموقع الإلكتروني لحزب «العدالة والتنمية» عن بن كيران قوله مساء الخميس إن العاهل المغربي محمد السادس سيتجه إلى أديس أبابا لدعم عودة بلاده إلى الاتحاد الإفريقي. وأوضح بن كيران أن مصلحة الوطن تقتضي عقد لقاء بينه وبين رؤساء الأحزاب الممثلة في البرلمان، من أجل التشاور بخصوص تجاوز بعض الإشكالات القانونية المتعلقة بتشكيل هياكل مجلس النواب وانتخاب رئيسه.
وفي وقت تتحدث فيه مصادر عن انعقاد وشيك لجلسة لمجلس النواب المغربي، شرعت أربعة أحزاب معارضة لابن كيران (الأحرار والاشتراكي والحركة والدستوري) في التنسيق بينها من أجل التوافق على مرشح لرئاسة المجلس المذكور. ولاحظت صحيفة «الأحداث المغربية» بعددها ليوم أمس، أنه في حال تمكن تلك الأحزاب مدعومة بحزب «الأصالة والمعاصرة» من انتخاب رئيس المجلس، فإن بن كيران سيجد نفسه وبقوة الأمر الواقع، أمام أغلبية فعلية في الغرفة الأولى للبرلمان المغربي. وهو ما يعني تطويق حزب «العدالة والتنمية» وفرض عزلة عليه، مثلما ألمح إلى ذلك مصدر قيادي في حزب «الاستقلال» في تصريح لصحيفة «أخبار اليوم». وكان حميد شباط، رئيس حزب «الاستقلال»، أعلن منذ حوالي شهرين، أنه رفض المشاركة في مخطط سري أعدته أطراف سياسية مناوئة لابن كيران، من أجل الانقلاب على نتائج انتخابات 7 تشرين الأول/ أكتوبر التي بوأت الصدارة لحزب «العدالة والتنمية»، حيث كان الهدف تشكيل أغلبية لا تضم هذا الحزب واختيار رئيس مجلس النواب منها، وإعلان ذلك في اليوم الموالي لتعيين الملك لعبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة، يوم 11 تشرين الأول/ أكتوبر. وقال مسؤول حزبي إنه في حال منح رئاسة مجلس النواب للمعارضة السابقة فإن ذلك سيطرح مشكلة، «إذ أننا سنكون أمام برلمان أزمة ترأسه المعارضة.» وأوضح محمد اليازغي، القيادي في «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، في حوار أجرته معه صحيفة «أخبار اليوم» أمس، أن انتخاب رئيس مجلس النواب قبل الإعلان عن الأغلبية الحكومية «لا يطرح إشكالاً من الناحية القانونية، لكن السؤال هو هل سيكون رئيس مجلس النواب ينتمي إلى تركيبة الأغلبية المقبلة، أم إلى المعارضة؟».
وأضاف: «لقد كان من المنتظر أن يحصل التجمع الوطني للأحرار على رئاسة المجلس في إطار المشاورات. ولا أفهم كيف يمكن أن يشارك هذا الحزب في التصويت على رئيس من المعارضة. لدينا رئيس حكومة معين، ويجب ألا يتم انتخاب رئيس مجلس النواب إلا بالاتفاق معه. وبما أنه اقترح تشكيل حكومة من الأغلبية السابقة، فإن المنطق هو أن ينتخب رئيس مجلس النواب من هذه الأغلبية.»
وفي السياق نفسه، صرح عبد اللطيف وهبي، القيادي في حزب «الأصالة والمعاصرة، قائلاً «إن اجتماع مجلس النواب لانتخاب رئيسه أمر لا يمنعه أي حاجز قانوني أو دستوري. لكن السؤال يطرح سياسياً: هل نريد خلق انسجام وتعاون بين المؤسسات، أم فقط فك البطالة الحالية التي يعيشها البرلمان؟ إذا أردنا التعاون بين المؤسسات، فيجب أن نخضع لمنطق الأغلبية ويكون الرئيس منها. وإذا لم تتشكل بعد، فلا يمكن سياسيًا أن نقوم بهيكلة المجلس»، مقترحاً صيغة رئيس مؤقت يقدم استقالته في حال لم يوجد حزبه ضمن الأغلبية الحكومية المقبلة، لكن الحل الحقيقي يبقى ـ في نظره ـ هو حل معضلة تشكيل الأغلبية، حتى لا تبقى المؤسسات رهينة الحسابات، على حد تعبيره.
وفي تعليق على هذه التطورات، تحدثت صحيفة «الأسبوع الصحافي» في عددها الجديد عن «ملامح مؤامرة حزبية على الملكية وعلى حق الشعب المغربي في تقرير مصيره»، وتوقعت الأسبوعية نفسها اندلاع موجة عنيفة من الاحتجاجات تفرض عودة «الحركة الوطنية»، في إشارة إلى القوى السياسية التي كانت فاعلة خلال الاستعمار الفرنسي للمغرب وكذلك خلال السنوات الأولى للاستقلال.
وكتبت «الأسبوع الصحافي» قائلة: «إن التفاف التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي، في تحالف ضد بن كيران ومن خلفهم حزب الأصالة والمعاصرة الذي لم يحظ بالثقة الكبرى، يتعارض بشكل كلي مع الاختيار الحر وحق الشعب المغربي في تقرير مصيره، في ظل دستور صوت عليه المغاربة، واختاروا حزب العدالة والتنمية ليكون قائدًا للأغلبية الحكومية ولتسيير شؤونهم. فمحاولة ردع بن كيران بالانقلاب على إرادة الناخبين، في جوهرها، مؤامرة على الملكية التي اختارت رئاسة الحكومة من الحزب الأول الفائز في الانتخابات».