فايز الشهري

يعيش العالم اليوم جملة من المتغيرات السياسية والعسكرية الكبرى التي عادة ما يعقبها نتائج كارثية ستدخل كتب التاريخ في وقت لاحق. ولو بدأنا من الولايات المتحدة فرئيسها المنتخب "دونالد ترمب" جاء بصيحات "القوة"، واعدا أن يقلب قواعد اللعبة في مفاصل العالم، وقد أعلن ذلك في خطابات لا تقل غطرسة عن خطابات قادة إيطاليا وروسيا وألمانيا فيما بين الحربين الغربيتين الأولى والثانية، وكأنه نذير الحرب الثالثة.

أما بريطانيا (العظمى) التي دفعت الكاوبوي لإدارة ملفات "الإمبراطورية" العجوز فيما بعد الحرب الغربية الثانية، فقد بدأت اليوم تبحث عن دور (ظاهر) في الشرق الأوسط في ظلال الفراغ الأميركي، وخروجها خروج العائل المستكبر من الاتحاد الأوربي نكاية وغيرة من القوة الألمانية الصاعدة. لقد نجح الإنجليز في استغلال جموح الكاوبوي فسيّروه لرعاية خرائط الشرق الأوسط في حقبة ما بعد حرب الغرب الأولى وتركوه حتى استنفد قواه. أما هم فتفرغوا قليلا لعمقهم الأوروبي، وبعد أن امتصوا (إعانات) الاتحاد الأوروبي في مشروعات تجديد البنية التحتية في عدد من المدن البريطانية الهرمة، قرروا الخروج والهجرة إلى مصالحهم الجديدة.

وفي الضفة المقابلة نشاهد فرنسا وهي تتلكأ في مبادراتها، في ظل صعوباتها الاقتصادية وفوضى المجتمع الهرم والخلطة الديموغرافية التي لم تنصهر في حلم فرنسي واضح. والى جوار فرنسا تشرئب عيون ألمانيا إلى دور وإدارة لحماية مصالحها، ولكنها تعلم يقيناً حتى وإن انتفخت عضلاتها الاقتصادية أن التقدم للأمام السياسي والعسكري سيكون له ثمن باهظ، فالنسور هناك تتربص منتظرة زلة قدم البقرة السمينة.

أما روسيا فحين "صلَّى" القيصر بوتين في الكنيسة مقرّرا (كفر الماركسية)، رأينا الكاوبوي وقد سلّم حامي الكنيسة الشرقية شريط إيران/ العراق/ سورية، ربما مقابل ملف لم ينضج بعد، أو لعل ذلك صحوة ضمير بعد ظلم أخ "ارياني" نُكب في "أفغانستان"، وتمزّق حلمه أيام الحرب الباردة.

إذا هذه بعض أجزاء صورة العالم مطلع 2017، والتي تكسّر فيها ظهر العرب في خمس دول فاشلة، مقابل أن تتأهل إيران الملالي لوظيفة "سبع الليل"، بعد أن عبثت اليد المتربصة بهدوء "تركيا"، بين انقلاب مريب وليرة تترنح (والباقي أظلم).

قال ومضى:

في كل زمن هناك حقائق خفية لا يقولها إلا من يصفهم الناس حينها بالمجانين.