خالد أحمد الطراح

لي صديق عزيز جداً بمنزلة الاخ، له بصمات ضمن محيطه القريب والبعيد بدماثة الخلق والاحترام للجميع، من خلال تمسكه بمبادئ حميدة، فرضت نفسها على معارفه وزملائه في العمل.
الاخ العزيز يعمل في المجال القانوني، وله مكانة رفيعة، شاءت الايام ان تضعه امام اختيار وقع عليه لترؤس هيئة مكافحة الفساد، لكنه اعتذر بكل تواضع وتقدير، حاسما موقفه لأسباب لم يفصح عنها علنا في وقتها، لكنه اوضحها للمقربين، وكنت احدهم، وانا اليوم سأوضحها، ليس بقصد الافشاء بسر، ولا التقليل من شأن الاخ النمش رئيس الهيئة، فله وللقياديين والاخوة الامناء كل التقدير والاحترام.
موقف الصديق العزيز تركز في عدم وضوح الرؤية لدى الحكومة من غرض انشاء هيئة الفساد، وعدم قناعته بجدية الادارة الحكومية في محاربة الفساد وسطوته في المجتمع.
ما جعلني اليوم ان استرجع هذا الموقف هو ما تعرضت له هيئة مكافحة الفساد منذ انشائها وابطالها واعادتها، الى جانب الخلاف الذي نشب، كما تم تداوله اعلاميا، بين رئيس هيئة «الفساد» وامينها العام، اضافة الى التباين الحاد في المواقف بخصوص صلاحيات مجلس الامناء ورئيس هيئة الفساد، الى ان بلغ الامر ذروته اخيرا بقرار مجلس الوزراء بتقصي الحقائق، وهي المهمة التي اسندت الى المجلس الاعلى للقضاء، وفقا لما نشر في القبس في 13 ــ 1 ــ 2016.
طبيعي ان تتعطل اعمال هيئة مكافحة الفساد، وطبيعي ان تتعمق الخلافات التي نشبت في هيئة يفترض ان تركز في عملها على اقتلاع الفساد من جذوره، فقد تجذر الفساد في مفاصل الدولة الى درجة طغيان التشاؤم في الاصلاح بين الشعب، الى جانب تدخل اكثر من جهة في صلب عمل الهيئة، التي دشنت في بدايات عملها تبني مسابقة تصوير، تم تداول الخبر وانتقادها صحافيا من دون ان نسمع توضيحا من القائمين على هيئة الفساد!
بالتأكيد حين تحصل مثل هذه الامور في مؤسسة مختصة في مكافحة الفساد، لابد ان تتأثر صورتها اعلاميا وشعبيا، وهو ما حصل فعليا، وربما نتائج التقصي ستكشف اعظم مما نشر.
من الرابح من كل هذا منذ البداية حتى اليوم؟ بالتأكيد الفساد والمفسدون والمنتفعون من غياب المساءلة القانونية واختراق هيئة الفساد للخلافات الداخلية، والتباين في المواقف المهنية. اما الخاسر فهو الشعب، الذي كان يبحث عن بريق من الامل ليستعيد ثقته في الادارة الحكومية وجديتها في المساءلة السياسية والقانونية.


املنا في الاخوة الافاضل المستشارين المكلفين تقصي الحقائق في تصويب مسار العمل، وربما البت في مدى الحاجة الى وجود هيئة مكافحة الفساد، طالما هناك جهات قانونية، كالنيابة العامة ولجنة حماية الاموال العامة في مجلس الامة وديوان المحاسبة، فميزانية الدولة تحتضر من كثرة الهيئات التي تنشأ الواحدة تلو الاخرى، بينما الحكومة تدعي التقشف!

***
نتمنى ان يمنّ العلي القدير بالشفاء على الأخ الفاضل الشيخ طلال الفهد، وتزدان الكويت بفرحة عودته سالماً لأهله ووطنه.