حسين مجدوبي

سيزداد تراجع منطقة المغرب العربي – الأمازيغي لدى البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بسبب نوعية الأجندة التي تركز على القضايا الداخلية بينما الخارجية هي المكسيك والصين ونوعية العلاقات التي سينسجها مع الاتحاد الأوروبي. وبهذا، فستبقى آخر زيارة الى هذه المنطقة هي التي قام بها الرئيس إيزنهاور في الخمسينات، أي باللون الأبيض والأسود.

ولا يوجد في محيط الرئيس الأمريكي مهتمون بمنطقة المغرب العربي-الأمازيغي، لكن يوجد مهتمون بمنطقة الشرق الأوسط بسبب الأوضاع غير المستقرة واستمرار مصالح الولايات المتحدة فيها رغم أنها تتناقص من سنة الى أخرى.
ولم تشكل منطقة المغربي العربي-الأمازيغي أي اهتمام في الأجندة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يسفر لماذا تكون هامشية دائماً، حيث يتم تعيين سفراء من الدرجة الثانية في دول المنطقة بعضهم من الذين حصلوا على المنصب جراء تبرعات بمئات الآلاف من الدولارات خلال الحملات الانتخابية.
ويستمر ملف المغربي العربي-الأمازيغي من اختصاص وزارة الخارجية أكثر من أي مؤسسة أخرى، وما يهمها في المنطقة هو المحافظة على عدم سقوط تونس في الفوضى السياسية جراء ما يجري في ليبيا، ودعم التنمية في موريتانيا والمحافظة على توازن بين المغرب والجزائر خاصة في الميزان العسكري وملف الصحراء الغربية.
في الوقت ذاته، لن يشكل موضوع الإرهاب أهمية كبيرة رغم تأكيد الرئيس الجديد على محاربة داعش، ويعود ذلك الى نوعية الإرهاب في الساحل الذي تتولى محاربته فرنسا أساساً، بينما الولايات المتحدة أقامت قاعدة عسكرية في السنغال. فمن جهة المغرب بعيد جغرافياً ولا يمكنه نقل قوات عسكرية، بينما الجزائر ترفض التعاون خارج حدودها بقوات عسكرية.
ويراهن البنتاغون على اتحاد دول الساحل لملاحقة الإرهابيين، أما إرهاب «بوكو حرم» فبعيد جغرافياً عن منطقة المغرب العربي. وحول نزاع الصحراء الغربية، فسيبقى نزاعاً ثانوياً حتى في وزارة الخارجية الأمريكية ولن يصل الى البيت الأبيض، وفق مصادر عليمة بالسياسة الخارجية الأمريكية.
وحضرت منطقة المغرب العربي في ملف الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون الذي أرادت إدارته في التسعينات إيجاد حل لنزاع الصحراء، ولهذا تولى وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر مهمة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة وقتها في هذا النزاع، ثم رهانها على خلق منطقة للتبادل الحرب مع المغرب وتونس والجزائر، ولم تنجح المبادرتان معاً. وخلال رئاسة الجمهوري جورج بوش الابن، اهتم بمنطقة المغرب العربي ضمن مشروع «الشرق الكبير»، حيث احتضنت العاصمة الرباط مؤتمراً دولياً سنة 2004 حول هذا المشروع الذي لم يكتب له النجاح. وغابت المنطقة في مشاريع الرئيس الديمقراطي الذي انتهت ولايته باراك أوباما.
ومنذ تأسيس الولايات المتحدة، زار رئيس واحد المنطقة وبالضبط المغرب، ويتعلق الأمر إيزنهاور في نهاية الخمسينيات، بينما لم يزرها أي من الرؤساء اللاحقين. ومن ضمن الأمثلة، فقد زار الرئيس السابق أوباما إفريقيا مرتين، والعالم العربي والشرق الأوسط ثلاث مرات، ولكنه لم يزر نهائياً أي بلد في المغرب العربي. وزيارة ترامب المغرب في التسعينات كسائح فقط، واستقر في طنجة للمشاركة في عيد ميلاد الثري فوربس.
ومن التعليقات الساخرة حول منطقة المغرب العربي هو أن «أول زيارة وآخرها كانت باللون الأبيض وهي زيارة إيزنهاور، فمتى ستكون بكاميرا ألوان هاي دفينيشن».