محمد آل الشيخ 

هناك سبعة من عشرة من كبار الداعمين للانتخابات البرلمانية الأمريكية - (الكونجرس) - هم من اليهود. أضف إلى ذلك أن منظمة (إيباك) اليهودية في أمريكا هي أهم لوبي مؤثر في الولايات المتحدة؛ ما يجعل من الكونجرس الأمريكي برلماناً أكثر مراعاة ونصرة لإسرائيل من الكنيست الإسرائيلي نفسه.

هذه الحقيقة لا أرى كثيراً من العرب، خاصة الفلسطينيين المتأسلمين في قطاع غزة، يدركونها ويدركون ما تعنيه تبعاتها؛ وهذا يعني أن إسرائيل تستمد قوتها ومكانتها العالمية من أمريكا، أقوى قوة على وجه الأرض بشكل شبه مطلق. كما أن علاقة روسيا التي بدأ بعض العرب يعودون للرهان عليها لنصرة قضيتهم تعتبر أن إسرائيل خط أحمر، نظراً لنفوذ وتمكُّن اليهود فيها. والأمر نفسه ينطبق أيضاً على دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا وأستراليا.

من هنا يمكن القول إن التعويل على المقاومة المسلحة، لمواجهة هذه القوى العالمية العظمى مجتمعة، وإقصاء ورقة السلام، وتحديداً حل الدولتين، كما هو لسان حال القومويين والمتأسلمين الفلسطينيين، من ضروب الانتحار السياسي، لا يقول به إلا جاهل في السياسة.

أعرف أن طرح حل الدولتين يرفضه الإسرائيليون، ويسعون إلى التملُّص منه، وقد دعم موقفهم مؤخراً تنديد الكونجرس الأمريكي بقرار مجلس الأمن القاضي بمعارضته لبناء المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية بعد أن امتنع ممثل الحكومة الأمريكية عن التصويت، علماً أن قرار الكونجرس الأخير لم يذكر حل الدولتين نهائياً؛ إلا أن حل الدولتين في رأيي هو الحل الوحيد المتاح والمُمكن المطالبة به، والذي يؤيده أغلبية المجتمع الدولي.

أما ما يصر عليه المنادون بالمقاومة من القوميين اليساريين، ومعهم المتأسلمون المسيسون، سنَّة كانوا أو شيعة، فهو يصب في نهاية المطاف في مصلحة اليمين الإسرائيلي, ويُقدم لهم الذرائع التي تساند موقفهم، لإثبات أن الفلسطينيين لا يريدون السلام ولا حل معهم إلا الحرب.

الأمر الآخر الذي يجب على الفلسطينيين أن يستوعبوه، أن عرب اليوم غير عرب الأمس، وأن القضية الفلسطينية تراجعت مكانتها لدى الإنسان العربي، فلم تعد قضيته الأولى، فهناك حروب أهلية طاحنة حقيقية قي أربع دول عربية، كما أن الحرب على الإرهاب المتأسلم هو الهمّ (الأول) الذي يقض مضاجع العرب بلا استثناء، ومن الغباء أن تطلب من الإنسان أن يضحي بقضاياه ومصالحه الوطنية وينصر قضيتك كما ينادي كثيرٌ من قومجية عرب الشمال ومتأسلميهم.

بقي أن أقول للإخوة الفلسطينيين إن التعنت والمكابرة والرهان على الغوغائيين العرب مسألة خاسرة، ولن يدفع ثمن هذا التعنت والمكابرة إلا أنتم منفردين في نهاية المطاف.

إلى اللقاء.