جهاد الخازن

كنت أعتقد أن مجرم الحرب بنيامين نتايناهو يواجه تحقيقاً واحداً من الشرطة الإسرائيلية لتلقيه هدايا ثمينة من أصدقائه، ثم وجدت أنه يواجه تحقيقاً ثانياً يعود إلى محاولته عقد صفقة مع رئيس شركة الجريدة «يديعوت أخرونوت» أمون موزيس لتخفيف حدة عداء الجريدة له.

التحقيق الأهم مما سبق موضوعه قتل حكومة الإرهاب الإسرائيلية ألوف الفلسطينيين، وبينهم 517 طفلاً قبل صيفَيْن في غزة. الإرهاب أهم من هدايا أو صفقة مع جريدة، ونتانياهو يجب أن يقف أمام محكمة جرائم الحرب الدولية ليحاكَم على ما اقترفت يداه. طبعاً دونالد ترامب ينكر جرائم نتانياهو لذلك مجرم الحرب هذا سيزوره الشهر المقبل للتفاوض... التفاوض على جثث الفلسطينيين.

ترامب في عالم آخر، وهو كرر تعهده بنقل السفارة الأميركية إلى القدس من تل أبيب. السفارة تضم مئات الموظفين، والفلسطينيون تظاهروا احتجاجاً على إصرار ترامب أن ينقل السفارة إلى القدس.

قرأت لبعض أركان ليكود أن القدس عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة إليها منطقي جداً. أقول إن القدس وكل أرض ما يُسمّى اليوم إسرائيل هما فلسطين المحتلة، والبلد للفلسطينيين، لا لمهاجرين أصولهم في القوقاز. القدس لنا.

ترامب ألقى خطاباً وهو يدخل البيت الأبيض رئيساً، ورفع شعار «أميركا أولاً». أذكر أن الشيخ بشير الجميل، رحمه الله، أسس فرقة «لبنان أولاً» في بدء الحرب الأهلية. النائب سامي الجميل، رئيس حزب الكتائب، قال السنة الماضية إن الشعار كان دفاعاً عن لبنان كله وليس عن أي طائفة فيه. وهكذا فالرئيس الأميركي الجديد سرق شعاراً لبنانياً رافق الحرب الأهلية، ولعله لا يترك البيت الأبيض من دون إثارة حرب أهلية عليه، إذا لم يكن الكونغرس قد عزله قبل ذلك.

الاتحاد الأوروبي أعلن معارضته نقل السفارة الأميركية إلى القدس. أنا أعارض نقلها أيضاً، وإذا نُقِلت فالرئيس الأميركي سيصبح عدوي إلى أن يترك السياسة لأهلها.

خطاب دونالد ترامب في الاحتفال بتنصيبه رئيساً تلته كلمات لرجال دين، بدءاً بالحاخام مارفن هيير، وهو أول حاخام أرثوذكسي، أي متعصب، يبارك رئيساً أميركياً. هو امتدح «حلفاءنا حول العالم الذين يشاركوننا معتقداتنا». ولا أعرف إذا كان يتكلم عن الولايات المتحدة ولها أصدقاء، أو إسرائيل التي نبذها العالم كله.

الحاخام هذا استشهد بمزمور يقول: على أنهار بابل هناك جلسنا، فبكينا عندما صهيون تذكّرنا... إذا نسيتك يا أورشليم فلتشلّ يميني. أقول إن شاء الله. هو استشهد بمزمور آخر يقول: يا رب مَنْ يقيم في خيمتك، ومَنْ يسكن في جبل قدسك؟ السالك طريق الكمال وفاعل البر، والمتكلم من قلبه بالحق. (نقلت عن ترجمة الرهبانية اليسوعية في لبنان للتوراة).

ما العلاقة بين تنصيب رئيس أميركي والتوراة، أو المزامير؟ وإذا كان الحاخام يريد أن يسمع العالم أن القدس لهم، فأنا أقول له إن لا أثر لمملكة يهودية أو دولة أو دويلة يهودية من أي نوع في بلادنا. كان هناك يهود إلا أنهم لم يحكموا يوماً، والخليفة عمر بن الخطاب طردهم من القدس وسلّم المدينة للبطريرك صفرونيوس والنصارى في ما يُعرف باسم «العهدة العمرية».

قرأت للكاتب اليهودي الفرنسي برنار ليفي مقالاً في «نيويورك تايمز» يحذر فيه اليهود من الاطمئنان إلى ولاية ترامب. ليفي يوصَف بأنه فيلسوف، وهو قد يتفلسف على الأميركيين إلا أنه لا يتفلسف عليّ فأنا أحتقر فكره كله، وأجده ليكودي الهوى حتى لو أنكر ذلك. لا أتمنى أن يُصاب ليفي بزكام، ولكن أسجل أنني أحتقر فكره كله وأعارضه.

البطل عندي هو النائب الأميركي جون لويس الذي رفض فوز ترامب بالرئاسة واعتبره مزوّراً. هو من أبطال الحقوق المدنية وليكود أميركا يهاجمونه كل يوم. هم أشرار وهو بطل قومي أميركي.