عادل الحربي

أعود إلى إسلام أباد، وسبق أن كتبت عن "الباكستان الحبيبة" وما يكنه الشعب الباكستاني للمملكة من محبة تفوق الوصف.. حتى ذلك التصويت المشؤوم في البرلمان الباكستاني ضد المشاركة في التحالف ضد الانقلابيين في اليمن تجاوزه الشعب الباكستاني نفسه ورد عليه بتكوين رابطة الدفاع عن الحرمين التي انضوى تحت لوائها مئات الآلاف من الباكستانيين الذين خرجوا متظاهرين متعهدين بالوقوف إلى جانب المملكة.

لقد كانت جريمة استهداف صواريخ الحوثة لمكة المكرمة قاصمة لكل من حاول المتاجرة بموقفه والتردد أمام جريمة الانقلاب، ثم جاء ذلك الإثم الذي فجر نفسه عند عتبة الحرم النبوي الشريف ليصبح الوقوف إلى جانب الإرهاب مخزياً ومفضوحاً بحجم انفضاح المجرمين الذين استهدفوا الحرمين الشريفين.

لكن ما يؤسف له هو أن أنقل عبر مشاهداتي على هامش المؤتمر الدولي الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي في إسلام أباد هذه الأيام؛ قلق الشعب الباكستاني من التغلغل الإيراني في الداخل الباكستاني وسيطرته على الإعلام وعلى العديد من الفعاليات الدينية والاقتصادية الباكستانية.. حيث يوجد ١٢ مكتباً إيرانياً في الباكستان مهمتها نشر المشروع "السياسي" الإيراني.. وأقول السياسي لأنه بات من المفضوح أن إيران تستغل المذهب الشيعي لخدمة عقيدتها الثورية، هذا البلد العجيب الذي يموت مواطنوه جوعاً، بينما تبذر أمواله في دعم الإرهاب والحركات التخريبية وبعض الأحزاب الرخيصة..

وحسناً فعلت الرابطة بدعوة عدد من الفعاليات الشيعية للمشاركة في المؤتمر، لتسمو فوق التحزب ولتؤكد سعيها لوحدة كلمة المسلمين؛ لكن المطلوب من "الجميع" أكبر وإلا سيكون البديل أسوأ؛ حيث تسارع طهران الخطى للتغلغل أكثر وأكثر واختطاف كل من يحتاج المساعدة واستغلال حاجته والإنفاق ببذخ حتى على بعض الأحزاب والمدارس المحسوبة على السنة.. ما يفضح الأهداف الإيرانية التخريبية وأن هدفها الرئيس هو شق الصف الباكستاني بمشروعات تارة على شكل مساعدات، وتارة على شكل منح تعليمية حتى بلغ عدد الطلاب الباكستانيين في إيران ١٨ ألف طالب!!

الباكستانيون من وجهة نظري هم المعنيون أولاً بالدفاع عن وحدتهم وعن أمنهم واستقرارهم مثلهم مثل كل الدول التي يجب أن تضطلع بمسؤولياتها؛ لكننا أيضاً معنيون كدول إسلامية بمحاصرة التمدد التخريبي الإيراني بعمل جماعي يلجم السفه الإيراني، ويكشف أن مسؤولية مواجهة مشروعات طهران التخريبية هي مسؤولية مشتركة وليست مسؤولية المملكة فقط.