أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس، أنه سيلتقي غدا في موسكو ممثلين عن المعارضة السورية، وذلك في إطار المساعي الروسية لتشكيل وفد تفاوضي موحد يجمع كافة أطياف المعارضة السورية من أجل التمهيد لمفاوضات جنيف الشهر المقبل.


ويأتي هذا الإعلان عشية اختتام مفاوضات السلام السورية في العاصمة الكازاخستانية أستانة، التي أكد بيان ختامها على وجود آلية روسية تركية إيرانية من أجل تثبيت وقف إطلاق النار الذي ما زال يسري منذ قرابة الشهر، على الرغم من انتهاكات ميليشيات النظام له. وأكد سكرتير حركة "الدبلوماسية الشعبية" محمود الفندي، أنه تمت دعوة 25 مجموعة معارضة سورية إلى العاصمة الروسية. 
وتحدثت مصادر صحفية روسية، أن موسكو قامت بدعوة عدد من الشخصيات البارزة في المعارضة السورية، من بينهم أحمد الخطيب، وأحمد الجربا ورندة قسيس ولؤي حسين وقدري جميل وممثلين عن الأكراد، إلى جانب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب ووفد المعارضة المسلحة الذي شارك في مفاوضات أستانة بقيادة محمد علوش.
وكانت مفاوضات أستانة التي رعتها كل من روسيا وتركيا وإيران وبإشراف من الأمم المتحدة، أعلنت في بيانها الختامي أول من أمس، ضرورة تأسيس آلية لوقف إطلاق النار بالكامل في سورية وضمان الالتزام به، وأن الدول الثلاث تدعم جماعة المعارضة المسلحة في المشاركة بجولات جنيف المقبلة، في الوقت الذي لم تتطرق فيه مفاوضات أستانة إلى أي قضية سياسية، عدا مطالبة وفد المعارضة المسلحة المجتمع الدولي بالضغط على النظام السوري من أجل إخراج ميليشيات إيران من البلاد، ووضعها على قوائم الإرهاب الدولية.

آخر الحلول
تحدث تقرير صادر عن مؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي للباحث جوزيف باحوط، أن بوتين ينتظر اللحظة الحاسمة من أجل التفاوض مباشرة مع ترمب في الأوضاع الإقليمية، بعد أن ضمن موطئ قدم له في سورية.
وأشار التقرير إلى أن من أكثر الأمور التي باتت مرجحة، هي الخطط حول رسم خريطة جديدة لسورية، يتحول بموجبها النزاع القائم منذ 5 سنوات والفوضى الناجمة عنه في المنطقة، إلى وجود دويلات صغيرة أشبه بالكانتونات، تمهيدا إلى غياب اللامركزية في البلاد، لافتا إلى أن تطهير حلب من السكان والمعارضين، إلى جانب تطويق ضواحي دمشق من قبل النظام السوري، هي خطوة أولى في طريق إيجاد مكان آمن له، ويطلق عليها مصطلح "سورية المفيدة".
وأكد التقرير أن "سورية المفيدة" قد ينجح النظام من خلالها بين الفترة والأخرى في شن هجمات عسكرية على المعارضين له في المناطق الأخرى، فيما سيسعى رئيس النظام السوري إلى ضمان بقعة صغيرة له تحت مظلة بوتين وترمب، في الوقت الذي ترى موسكو أن مواقع نفوذ النظام تعتبر ورقة ضغط أمام الغرب لبقاء نفوذها قائما في الشرق الأوسط.

احتكار المواقف
أبان التقرير أن موسكو تسعى لاحتكار المواقف السياسية لكلا طرفي النزاع في مفاوضات أستانة، من خلال استغلال مشاغل انتقال السلطة في واشنطن وتراجع الإدارة السابقة، عبر الهيمنة على مجريات المؤتمر، بعد أن بسطت نفوذها عسكريا في مدينة حلب، بالإضافة إلى إعادة تشكيل فصائل المعارضة السورية بشقيها المسلح والسياسي، حسب رؤيتها واللعب على وتر الخلافات بينها حتى تنتقي أفرادها بعناية، إلى جانب استبدال مؤتمر أستانة تدريجيا بجنيف الذي ينص على عملية انتقالية دون الأسد.
وأوضح التقرير أن موسكو ترى في مفاوضات أستانة رؤية أكثر واقعية من جنيف، حيث إنها ستعمل مع مرور الوقت على تنفيذ سياسة مناطق النفوذ والدويلات الصغيرة في سورية، عبر عقد عدد من المفاوضات والمصالحات بين أطراف النزاع تمهيدا لتطبيق خطة اللامركزية في البلاد، ويمكن أن يتحول النظام السياسي إلى جعل الأسد مجرد واجهة سياسية بعد أن تسحب منه جل السلطات، بينما يتم تشكيل مجلس عسكري مشترك من رموز النظام والثوار يضطلع بمهام إدارة البلاد.