كيمياء ترامب تتسق مع السيسي… ومفتي مصر بنكهة العسكر والحكومة مسخ يثير الرثاء

حسام عبد البصير

خطت الصحف المصرية التي تدين بالولاء التام للسلطة والمشهود لها بالتفرغ التام للدعاية للنظام وتلطيخ سمعة المعارضين لحكمه، والتي لا نشاط لها سوى ترطيب الأجواء ونشر التفاؤل في غير موضعه ـ نحو التخلي عن قليل من نفاقها، والكف عن التحليق في عوالم مخملية بالحديث عن رخاء يدق أبواب الفقراء قريباً. ارتدى بعض كتابها ثوب الشجاعة وقرروا الهبوط على الأرض والإنصات لصوت الجماهير التي تصرخ في التيه بعد أن فقدت الطريق للطعام والدواء، ولم يعد لديها ما تراهن عليه، على إثر استمرار موجات الغلاء.


من اللافت أن نعثر على روح الثورة تتسلل إلى صحف كبيرة ترتدي ثوب النظام، تلك التي حرص كثير من كتابها على مدار تاريخ المهنة أن يمسكوا بأياديهم فرشاة الألوان ليصنعوا وطناً موازياً لا أثر فيه لفقراء ولا مكان فيه للجوع. شيئاً فشيئاً باتت بعض الصحف التي تغدق عليها الحكومة عطاياها تطلق منصات صواريخ وكروت حمر في وجه النظام، الذي وعد أبوه «الديكتاتور المخلوع» شعبه يوماً بالرفاهية، فإذا به يترك البلد وقد استوطن فيها الفقر والجوع وسلة من الأمراض المزمنة التي اختفت من على سطح الأرض.
أمس اهتمت الصحف المصرية بقضية الطلاق الشفهي التي تحدث عنها السيسي، وهو الامر الذي أثار دهشة كتاب كثيرين، وكأن مصر انتهت من حل جميع مشاكلها الأبدية التي حالت بين شعبها والحصول على حقه في الحياة الكريمة، ولم يتبق لها سوى الدخول في حالة من الاحتراب الفقهي، على قضايا مكانها الطبيعي للنقاش مجالس العلماء المتخصصين في الفقه. واهتمت الصحف أيضاً بزيارة الرئيس لأسوان وجولته في السد العالي وترحيب السياح به وإلى التفاصيل:

التنسيق مع موسكو

المكالمة الهاتفية التي تمت بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لها «رمزية» وتحتوي على رسالة سياسية مهمة أكبر من البروتوكول المعتاد أو التهاني المتعارف عليها. كان الرئيس السيسي هو أول رئيس من الشرق الأوسط يلتقيه ترامب، حينما كان في خضمّ معركة الرئاسة في نيويورك، وهو الأمر الذي يعتبره عماد الدين أديب في «الوطن» فاتحة خير: «وكان الرئيس السيسي هو أول المهنئين للرئيس الأمريكي بفوزه المفاجئ في انتخابات الرئاسة، وتؤكد تصريحات الرئيس ترامب المتكررة أنه يعتقد أن مصر والأردن بالنسبة لإدارته هما محور الارتكاز في معركته ضد إرهاب «داعش» ويبدو أن الكيمياء البشرية بين الرئيس السيسي والرئيس ترامب، تفاعلت بشكل إيجابي، وأنه من الممكن أن تؤدي هذه العلاقة المميزة إلى ترتيب أوضاع المنطقة المضطربة. ويبدو أيضا أن هناك 3 عناصر تجمع بين الرئيس السيسي والرئيس ترامب أولا: كلاهما ضد الإرهاب التكفيري. ثانيا: كلاهما يؤمن بلغة المصالح البعيدة عن الشعارات. ثالثا: كلاهما على علاقة جيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويؤمن بضرورة التنسيق والتعاون مع موسكو بدلا من الصراع معها. لو دامت هذه العلاقة وتمت تنميتها بين السيسي وترامب قد ترى مصر والمنطقة خيرا كثيرا».

عارفين مين اللي خربها

معارك الجمعة الصحافية كانت ساخنة وتتجاوز العلامات الحمر وها هو حازم حسني في «البداية» يجيب من الآخر: «من الذي يعمل على إسقاط الدولة؟ إنه بالتأكيد من يفرط في الأرض ولا يحافظ عليها، ويفقر الشعب ولا يرعى مصالحه رعاية كاملة ولا حتى منقوصة بقدر، وهو من يحول الحكومة إلى مسخ يثير الرثاء، ويغتصب السيادة من الأمة ليتصرف في مؤسسة الدولة وكأنه سيدها ومالكها الذي له حق التصرف في كل مقدراتها غير آبه بدستور أو قانون إلا قانونه، على طريقة الملك الشمس – لويس الرابع عشر – الذي كان يعتقد أنه هو الدولة. يتساءل الكاتب: من هو الذي فرط في الأرض، وأفقر الشعب، ومسخ الحكومة، واغتصب السيادة؟ إنه باختصار من قال للشعب ألا يستمع لغيره، وألا يتحدث فيما يتخذه في غياب إرادة الأمة من قرارات، حتى إن ساءت بسبب هذه القرارات أحوال الأمة، وساءت معها أحوال المؤسسة التي تعبر عن إرادة هذه الأمة، فصارت مقومات الدولة كلها مرهونة للمجهول، وصارت مكونات الدولة في مهب الريح. هذا المسؤول ـ ولا أحد غيره ـ هو الذي يعمل على إسقاط الدولة، بكل مقوماتها وبكل مكوناتها؛ ومثل هذا المسؤول الذي يظن أن لن يحاسبه أحد ستحاسبه حتما نواميس الوجود الإنساني، بأن تسقطه من عليائه ليلحق بمن كانوا قبله، لكن سقوطه هذا لا يعني بالضرورة سقوط الدولة كما تشيع أذنابه الإعلامية، حتى إن عمل هو على أن يرتبط سقوطه الحتمي هذا بإسقاط الدولة، وبإسقاط جيشها معه، ليبتز الجميع بهذا الربط كي يعملوا على الإبقاء عليه. السقوط سيكون سقوطه وحده، وهو الذي رسم خرائطه ولم يرسمها له أحد، وحتى إذا كان ثمن السقوط فادحا، فإنه في كل الأحوال صار الشرط الضروري ـ وإن لم يكن كافيا ـ لإنقاذ الدولة من السقوط، ولإنقاذ الجيش من التفسخ والتصدع والانقسام»

الطلاق بأوامر رئاسية

«في الوقت الذي انتحر سائق تاكسي في مدينة 15 مايو، بسبب عجزه عن سداد أقساط التاكسي.. فاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي، المصريين، وفقا لمحمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي لـ«المصريون» بأنه بصدد وضع قانون؛ يقضي بعدم وقوع الطلاق الشفهي! لم يستطع أحد، تفسير هذه المفاجأة، وما الذي حمل الرئيس على أن يترك مصائب البلد كلها والموت اليومي للمصريين تحت عجلات الفقر والجوع والمرض.. ثم يتحدث عن «الطلاق». المفاجأة كانت صادمة؛ لأن الناس كانت تنتظر من السيسي، أن يحدثهم عن خططه لإنقاذ حياتهم المهددة بالموت جوعا ومرضا.. ليفاجأوا بالرئيس مشغولا بحكاية الطلاق الشفهي. وما الذي جعل السيسي، يتدخل في مسألة فقهية وشرعية؟ ومن النوع الذي قد يثير فتنة كبيرة في البلد.. وقد يفسر بأنه تقنين رسمي للزنا، فالرجل سيظل يعاشر زوجته بعد أن طلقها، طالما أنه لم يوثق الطلاق عند المأذون. ولا يجد أحد، تفسيرا لحرص رئاسة الجمهورية، على حشر نفسها في مسألة ليست من اختصاصها بالمرة. وستحدث كما قلت انقساما عنيفا وخشنا بين الدولة وجمهور العلماء من جهة، وبين الدولة والمؤسسة العلمية الدينية من جهة أخرى.. وسيشعل الفتن والحرائق في كل بيوت مصر، وسيعطي مساحة لنمو القضاء العرفي الموازي للدولة.. فالطلاق ممارسة دينية، وليست ممارسة سياسية؛ ما سيجعل الناس تبحث عن بدائل من خارج المؤسسة الرسمية، لحل مشكلة قد توردهم مورد المهالك: ارتكاب كبيرة الزنا، حال مشوا وراء ما تدعوهم إليه مؤسسة الرئاسة. واللافت أن أقلية من مشايخ الـ«توك شو».. ومن الذين فتحت لهم طاقة القدر في قنوات «DMC» هم الذين يقودون هذه الحملة ويدعمونها، وهم ما بين شيخ «أفاق» وشيخ «فاسد»، يخالفون الإجماع ليس عن تنوير يستند إلى الأدلة، ولكن إلى دناءة نفس وتزلف إلى حامل الشيكات، والقابض على مفاتيح المن والسلوى».

مش شغلك يا سيسي

لا يرى محمود خليل في «الوطن» ضرورة في أن يكون موضوع الطلاق مجالا لأحاديث رئاسية، خصوصا عندما يكون مدخل الحديث فقهيا، يتصل بمسألة الإجراءات الشرعية لتقنين الطلاق. ولعلك لاحظت أنه بعد طرح الموضوع انقسم علماء الدين ما بين مؤيد ومبرر للاقتراح الرئاسي بتقنين الطلاق، لكي يصبح مثله مثل الزواج، غير معترف به إلا إذا كان موثقا على يد مأذون، وما بين مفند ورافض لهذا الرأي ويرى أن الطلاق يقع شفاهة، إذا تحققت فيه الشروط المطلوبة، وهو جدل أجدنا في غنى عنه، والأجدر أن يترك لأصحابه، خصوصا أن الطلاق وإن كان بغيضا، إلا أن مثله كمثل الزواج «حلال». والله تعالى يقول: «الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أو تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ». معالجة قضية الطلاق ضرورة، ذلك أمر لا خلاف عليه، لكن الخلاف على سياق المعالجة، هذا أمر، وطريقة وأسلوب المعالجة، وذلك أمر آخر. فارتفاع معدلات الطلاق يجب ألا يفصل عن مشكلة تراجع معدلات الزواج. كلتا المشكلتين ترتبط بأوضاع ثقافية من ناحية، وأوضاع اقتصادية من ناحية أخرى. فثمة ثقافة تتسكع في أدمغة قطاع من الأجيال الجديدة تقلل من قيمة الزواج، ولا ترى مقاما لمؤسسة الأسرة، وهي ثقافة تكرست في أحضان أفكار أتاحتها تكنولوجيا الاتصال الحديثة، التي مكنت الشباب من التفاعل مع أفراد ينتمون إلى ثقافات لا تقيم وزنا لفكرة الزواج أو الأسرة، وترضى بأشكال أخرى للعلاقة بين الرجل والمرأة، بعيدة أشد البعد، وغريبة أشد الغرابة عن ثوابت الثقافة الاجتماعية المصرية والعربية. ولعل أبرز دليل على مخاطر وتأثيرات هذه الثقافة، أن العديد من المجتمعات العربية التي تتشابه في بنيتها الثقافية مع المجتمع المصري تعاني من المشكلة المزدوجة نفسها التي نعانى منها، مشكلة ارتفاع معدلات الطلاق، وتراجع معدلات الزواج».

مع الرئيس

«أكد الشيخ محمد عون، المتحدث الرسمي باسم جمعية المأذونين، عضو النقابة العامة، أنه مع زملائه يتفقون مع ما أعلنه الرئيس السيسي في خطابه من ضرورة الحد من حالات الطلاق عن طريق توثيقه إما لدى المأذون، أو في المحكمة، وأضاف عون بحسب «الوطن» أن الدين الإسلامي دين متجدد، وبالنسبة للطلاق من الممكن أن يتم عرض الأمر على هيئة العلماء في الأزهر الشريف، ومجمع الفتوى للاتفاق على كيفية الوصول بصيغة شرعية تساعد على الحد من حالات الطلاق، وأكد لـ«الوطن» انه مع كلام رئيس الجمهورية في العمل بشكل جاد على تقليل نسب الطلاق بين كل المتزوجين، لكن دون مخالفة الشريعة الإسلامية، وأحب أن أوضح للجميع أن الدين الإسلامي دين حنيف ومتجدد، وتطرأ على الفروع الشرعية تغييرات، ونحن لا نتحدث عن ثوابت، على سبيل المثال يتم تقليل عدد ركعات المغرب من ثلاث إلى ركعتين، هذه ثوابت، ولا يمكن الحديث أو النقاش فيها، وإنما نحن نسعى إلى تجديد الدين دون المساس بالثوابت، وهذا الاختلاف نابع من وجهات نظر العلماء، واختلاف الأئمة رحمة بالناس. 
وحول رؤية البعض أن للزواج والطلاق أحكاما شرعية لا يمكن المساس بها، قال أتفق معهم تماما على أن للزواج والطلاق أحكاما شرعية نلتزم بها، ولكن هناك مسائل فقهية يجوز الاختلاف فيها، نحن لدينا مجمع بحوث إسلامية، ولدينا مشيخة الأزهر الشريف وعلماء أجلاء، ومن الممكن أن يتم عرض الفكرة للنقاش، وإذا تم الاتفاق عليها لا توجد مشكلة في تنفيذها، وهي في النهاية وجهات نظر للعلماء».

القاتل معروف

ما زالت قضية الباحث الإيطالي ريجيني تتفاعل، ومن بين الذين اهتموا بقضية مقتله أحمد جمال في «مصر العربية»: «لا نحتاج إثبات أن قوات الأمن هي القاتلة؛ فتسلسل الأحداث كفيل بإثبات هذا في 25 يناير/كانون الثاني 2016، عيد الفزع الأكبر لأجهزة الدولة، اختفى جوليو ريجيني عن الأنظار، بعد اختطافه من قبل خاطف مجهول «معروف»، ما دفع ذويه إلى إبلاغ الحكومة الإيطالية التي قامت بدورها بإبلاغ الحكومة المصرية، التي اصرت على أن تروي روايات مختلفة، وأن تنقل وسائل الإعلام كل الروايات، عدا الرواية المنتشرة التي تحكي أنه قتل بأياد أمنية. من ضمن الروايات حينها «تعرضه لحادث سير، وهي رواية تليق بنا أكثر لا بمواطن إيطالي ستنتفض دولته من أجله. كما ظهرت رواية أن «داعش» هو من خطفه وعذبه وقتله، حتى تحدث خلافات بين مصر وإيطاليا. كل هذه الروايات رفضتها السلطات الإيطالية وكذبتها؛ لتشابه إجراءات إخفائه قسريا وتعذيبه وإلقائه في الصحراء، لما يحدث مع المعارضين المصريين. ويلفت الكاتب الأنظار بتصريحات حاسمة لمسؤول بارز في الدولة: في 11 مارس/آذار لمح أحمد الزند وزير العدل حينها في حوار تلفزيوني إلى أن ريجيني مات جراء تعذيبه في الأمن الوطني. ومن ضمن ما قاله «إن الطب الشرعي المصري قدم تقريرا حقيقيا عن الإصابات الموجودة في جسد ريجيني؛ وأنه أنجز التقرير بكل صراحة وصرامة ووضوح؛ وأن الجريمة زي ما هو متداول ومعروف؛ ما فيش داعي نكرره، حتى لا يستفيد اللي بالي بالك منه». كما أكد أنهم في الوزارة مستعدون لتحمل الثمن السياسي عن هذا التقرير. وعندما سأله المذيع: «حتى لو له ثمن سياسي؟» أجاب أن شاء الله يكون له مش ثمن سياسي بس؛ لو أعلى من السياسي؛ ما فيش حاجة تبرر الكذب والخطيئة إطلاقا. بعدها تمت إقالة الزند من منصبه بدعوى الإساءة للنبي محمد «عليه الصلاة والسلام». وأكد على ذلك الدكتور مصطفى الفقي، أستاذ العلوم السياسية، في حوار تلفزيوني قال فيه أن سبب إقالة الزند يرجع لحديثه عن جوليو ريجيني، وليس لإساءته للرسول».

حاشية السلطان

أصدر السيسي قرارا جمهوريا، بتجديد تعيين شوقي علام في منصب مفتي النظام لمدة 4 سنوات، تبدأ من 4 مارس/آذار المقبل. من جانبها هاجمت «الشعب» القرار: «ضمن مفتي النظام الدكتور شوقي علام، الاستمرار في منصبه لفترة جديدة، بخط واضح، أعلن عنه منذ البداية، منذ أن تم الإعلان عنه كواحد من حاشية السلطان ومشايخه، الذين لا ينطقون إلا بما يرضيه، ولا يعملون إلا لتوطيد حكمه، وإن كان على عكس ما أتاه الله من علم، وعلى قدر صمته الإعلامي وعدم جنوحه للظهور كثيرا، كآخرين مثل أقرانه علي جمعة وأحمد الطيب وغيرهما، إلا أنه شق طريقه بصمت، وقرأ الأحداث بصورة تكفل له أقل الخسائر، بالإضافة إلى كونه أحد القلائل، من خارج منظومة النظام من الشرطة والجيش والقضاء والإعلام. فعلى الرغم من كون علام هو أول مفت منتخب، صادق على قرار تعيينه أول رئيس مدني منتخب، إلا أنه لم يصن القسم، حيث وافق مرسي على اعتماده مفتيا للبلاد، في فبراير/شباط 2013، إلا أنه أثبت حسن نواياه للنظام كواحد من رجاله المخلصين، منذ أن شارك في انقلاب الثالث من يوليو/تموز. وعلى الرغم من أن علام يواجه انتقادات شديدة في العالم الإسلامي والمنظمات الإسلامية، مثل «مجلس القضاء الإسلامي»، ومنظمة «ميديا ريفيو نتوورك» الإسلامية الحقوقية، و«رابطة المحامين المسلمين» حين رفضوا زيارته لجوهانسبرغ، وهددت بمقاضاته ومحاكمته هناك على خلفية تصديقه على أحكام بالإعدام ضد الدكتور محمد مرسي والمئات من مؤيديه، لكنه لم يعنه الأمر كثيرا، طالما هو سيد أمر الإسلام النظامي في مصر. علام يعامل معاملة الأذرع الأساسية في النظام». 
يا شماتة إسرائيل

ابوتريكة «أمير القلوب» تحول فجأة إلى إرهابي، الرجل الذي لم يغضب يوما لاعبا أو إداريا أو حكم مباراة، ولم يحصل على كارت أحمر ولم يتفوه يوما بكلمة نابية، كما يشهد له بذلك ناجح إبراهيم في «المصري اليوم»: «الرجل يعرفه الجميع كأيقونة للعب النظيف والإبداع الكروي، فضلا عن الخلق الكريم والحياء الفطري، هل يمكن أن يتحول فجأة إلى إرهابي، الرجل لم يحمل في يوم من الأيام بندقية أو رشاشا أو سكينا، ولم يتفوه بكلمة كراهية. أحب الناس جميعا وأحبوه، وكان رمزا من رموز المحبة والتواصل والتجميع. أبوتريكة الذي شارك 50 لاعبا دوليا في مباراة عالمية لصالح فقراء العالم، والذي اختارته الأمم المتحدة سفيرا من سفرائها لمحاربة الفقر، نجعله نحن إرهابيا! العالم كله انحنى لموهبة وأخلاق أبوتريكة ونحن نصفه بأحط الأوصاف وندمره تدميرا. لقد غاب الذكاء عن الدولة المصرية وهي تستعدي بمثل هذه الأمور أطيافا واسعة من المجتمع المصري، وتجعل مصداقيتها في الحكم على الناس على المحك، كيف سيكون شعور المستثمرين في العالم وهم يصدمون بمصادرة أموال مجموعات كبيرة من الناس، بعضهم معروف للجميع مثل أبوتريكة؟ وهل يدفعهم ذلك للقدوم أم الإحجام ؟ عصر التأميم أو المصادرة المباشرة وغير المباشرة، القضائية أو غير القضائية ولى بعد فشله في العالم. وصف أبوتريكة بالإرهابي لن يضره بقدر ما سيضر الدولة، يا شماتة إسرائيل في أبوتريكة، إنها لم تعده أبدا إرهابيا، كانت تصنفه على أنه متشدد تجاهها يوم تعاطف مع ضحايا غزة بفانلته الشهيرة التي أسعدت ملايين العرب والمسلمين، ولكننا ذبحناه وقدمناه لإسرائيل على طبق من ذهب. الحكومة المصرية تخسر كل يوم أرضا جديدة دون مبرر».

هل اشترينا الأسلحة لسحق المواطنين؟

«بما أن التهديدات الأمنية الخارجية والداخلية على السواء، لا تبرّر المشتريات الكثيرة من الأسلحة التي أقدمت عليها مصر، من الممكن أن الجيش وفق ما يشير إليه ماجد مندور في «الشعب» يستعدّ لخوض نزاع داخلي. في عام 2011، انهار الجهاز الداخلي القمعي الذي كان تابعا لحسني مبارك، وكان يتألف من 1.5 مليون شرطي ومجنّد، في غضون 24 ساعة، ما استدعى تدخّل الجيش. إذن، في حال اندلاع انتفاضة كبرى، ليست الشرطة والقوى الأمنية التابعة للدولة كافية، لذا قد يكون الهدف من شراء أسلحة هجومية إظهار القوة في الداخل، حيث يمكن استخدام حاملتَي الطائرات «ميسترال» للسيطرة على مدن حيوية مثل بور سعيد والإسكندرية والسويس، التي كانت المدينة الأولى التي خرجت تماما عن سيطرة النظام عام 2011، على طول الساحل الشمالي والقناة. لقد لمّح السيسي إلى استخدام الجيش أداة للقمع في الداخل، في خطاب ألقاه في 26 أيلول/سبتمبر 2016، عندما أعلن أنه لدى الجيش خطط طوارئ للانتشار في مختلف أرجاء البلاد في غضون ست ساعات في حال اندلاع اضطرابات في الداخل. بالمثل قد يكون احتمال اندلاع نزاع داخلي الدافع وراء الاستثمار في سلاح الجو، الذي يؤدّي عادة دورا فعالا في القضاء على المقاومة في المدن. فقد اضطلع سلاح الجو السوري، بدعمٍ من سلاح الجو الروسي أحيانا، بدور حاسم في ضمان بقاء النظام، وجعل ميزان الحرب الأهلية يميل في نهاية المطاف لمصلحة هذا الأخير. في التجربة المصرية، كان السبب الأساسي وراء انهيار الأجهزة الأمنية عام 2011 الهجمات التي شُنَّت على مراكز الشرطة في مناطق ذات كثافة سكّانية عالية. نظرا إلى طوبوغرافيا الشوارع الضيّقة والشبيهة بالمتاهات في هذه المناطق، العمليات البرية مكلفة ومحفوفة بالمخاطر. إذا كان النظام المصري يتوقّع أن تتكرّر هذه الهجمات».

مصر بين نارين

«تعيش مصر في المنتصف بين ميدانين، الأول لبقايا أهل 25 يناير/كانون الثاني، والثاني لتجمع المصالح الذي استعاد شبابه بعد 30 يونيو/حزيران، ولكل ميدان بحسب محمد الدسوقي رشدي في «اليوم السابع» متطرفوه ومجانينه من البشر. وفي كل ميدان منجنيق يقذف حجارة التخوين والعمالة والإساءة والإهانة على الآخر، في منتصف تلك المعركة التي يصنعها الباحثون عن مكاسب شخصية، لا تحصل مصر سوى على التدمير، تدمير نسيجها المجتمعي، وتدمير ما تبقى لها من وقت لإنقاذ وطن خربه فساد مبارك. العقل يقول إن مصلحة مصر أهم من مراهقي ومحتكري الشرف والحقيقة من أبناء الفئة الأولى، وأعظم شأنا من الرغبة الانتقامية للفئة الثانية، ولذا تبدو اللحظة مناسبة الآن لإطفاء هذه النار بحسم وقوة، بإهمال وتجاهل وإعلاء التبرؤ من كل الخارجين عما أقره الدستور بخصوص 25 يناير، وكل من لا يريد الاعتراف بأن ثورة 25 يناير، أصابها ما أصابها من عطب، أو خروج عن المسار، أو سوء استغلال. السياسيون، أو من يدعون أنهم كذلك، وبعض المثقفين وأهل الإعلام، انقسموا على أنفسهم بعد 30 يونيو إلى فريقين، وكل منهم ارتدى فانلة غير الأخرى، وطبع نفسه بطبائع جماهير الدرجة الثالثة، وتركوا المباراة، وتفرغوا لتبادل الاتهامات والشتائم والسباب. غرقوا في مستنقع «سيب وأنا سيب»، و«ثورتنا أحسن من ثورتكم»، وأصبحت شعارات المعركة بين ممثلي 25 يناير و30 يونيو واحدة من مسببات الشهرة، يقتات بعض الكتاب والمذيعون على سب 25 يناير، كما يقتات بعض السياسيين والناشطين من نغمة الثورية ودفع الأذى عن الثورة، بينما في المنتصف تقف مصر مشلولة، ومشغولة بمعركة هامشية تهدر وقتها المفروض تخصيصه للتنمية، وتأســـيس مشروع ديمقراطي جديد».

خطر على صحة النظام

وإلى «الأهرام» وفاروق جويدة الذي يتساءل قائلا: «من الذي شجع فتح بلاعات التسريبات ومستنقعات المكالمات التي تطفح في وجوه المصريين وتشعرهم بأنهم شعب تعبث به أيادٍ افتقدت الضمير والأمانة، هذه التسريبات تشعر الأسرة المصرية أنها مستباحة في كل أسرارها وخصوصياتها، وأن في كل بيت رقيبا يطارد الناس في غرف نومهم.. ويتعجب الإنسان من اتهامات بالخيانة والعمالة وبيع الوطن، رغم أن مثل هذه الاتهامات مكانها القضاء والمحاكم وليست شاشات التلفزيون والفضائح. وإذا كانت هناك أجهزة في الدولة تشجع على ذلك فإن النار اقتربت كثيرا من مسؤولين كبار من أصحاب الرتب العليا، وهذا يعني أن هناك من يريد هدم المعبد على كل من فيه عسكريين ومدنيين. لا اعتقد أن الذين يقومون بهذه الأدوار المشبوهة يخدمون الرئيس السيسي ويحافظون على نظامه، لأنني اعرف عن يقين أن أخلاقيات الرئيس السيسي تتعارض تماما مع كل ما يحدث من حيث المبدأ، ولأنه يدرك أن البلد لا تحتمل المزيد من الانقسامات، وأن الشيء المؤكد أن هناك أيادي تحاول تخريب كل شيء وإشعال الفتن في كل مكان.. هل من مصلحة الرئيس السيسي أن تظهر تسريبات تسيء لرموز في قواتنا المسلحة في هذه اللحظة الحرجة، حتى لو كانوا مسؤولين خارج السلطة؟ هناك تسريبات جاءت فيها أسماء قيادات من الجيش في فترة المجلس العسكري، وهذا اعتداء على سرية هذه المؤسسة. هل يتصور أحد أن الرئيس السيسي يقبل الإساءة إلى ثورة يناير/كانون الثاني ووصفها بالخيانة، وهو الذي أكد أكثر من مرة تقديره لهذا الحدث الوطني الكبير في آخر أحاديثه أمس الأول؟ هل يمكن أن يرضي الرئيس السيسى أن تزداد القطيعة بين الدولة وشبابها أمام اتهامات ظالمة وتسريبات مشبوهة؟».

سيناء تناديكم

كان عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» يتمنى: «بدلا من تحجيم زيارة المواطنين إلى سيناء أن نفعل العكس، أن نعمل على تشجيع الهجرة من الدلتا كثيفة السكان إلى سيناء أرض الفيروز، كما كان يتمنى بدلا من تفريعة قناة السويس، إنفاق مبلغ الـ64 مليار جنيه التي تم جمعها من المواطنين على تنمية سيناء، في هذه الحالة كان يمكن تهجير عشرة ملايين مواطن إلى هناك، في فترة لن تزيد على خمس سنوات. كنت أتمنى نقل سكان العشوائيات في كل بر مصر إلى سيناء، مع توفير فرص عمل مناسبة في هذه الحالة، كما كان يتمنى منح الأولوية لسيناء في كل المرافق والخدمات حتى تصبح منطقة جذب سكاني، وسياحي وصناعي وزراعي، بدلا من التعامل معها بهذا الشكل الأقرب إلى الفيدرالية، أو الكونفيدرالية. مع صيحات استهجان أصحاب المشروعات السياحية في سيناء، ومع صيحات استنكار المستثمرين هناك بصفة عامة، ومع أنين أبناء سيناء طوال الوقت، نتيجة إرهاب لا ذنب لهم فيه، أو لمعظمهم على الأقل، أناشد أصحاب القرار التعامل مع هذه البقعة العزيزة على كل مواطن، هذه الأرض المباركة، بشكل مختلف في المستقبل، باستراتيجية مختلفة، بخطط مختلفة، ذلك أن حماية سيناء يجب أن تكون مسؤوليتنا جميعا، تنميتها أيضا مسؤوليتنا جميعا، يجب عدم التعامل مع سيناء كما مناطق الأقليات في هذه الدولة أو تلك أبدا، يجب ألا تتحول أرض السلام إلى ساحة للاقتتال وبناء السجون ومعسكرات الأمن. الوضع الطبيعي أن تكون مقصدا للباحثين عن السياحة الدينية والباحثين عن الراحة النفسية، فإغلاق سيناء أمام العالم لا يحقق سوى أهداف الإرهاب، فما بالنا حين إغلاقها أمام أبناء الوطن؟».

وزراء لوجه الله

«هل يأتي على الحكومة وقت، تعلن في وسائل الإعلام عن وظائف خالية للوزراء، وتعلن فيه شروط شغل الوظيفة؟ يتساءل محمد عبد الحافظ في «الأخبار» متمنيا أن يعلن المهندس شريف إسماعيل أسباب استبعاد الوزير الذي سيغادر الحكومة، وأسباب اختيار الوزير الجديد، حتى يكون الشعب على بينة وعلى علم بما يتم، وليس هناك أي عيب في ذلك، بل إنه أفضل بكثير للوزير المغادر، حتى لا يتعرض للقيل والقال وللتخمينات والتحليلات «الفيسبوكية» عن أسباب مغادرته الحكومة، فربما يكون ترك المنصب بناء على طلب الوزير. ويعتقد الكاتب أنه إذا نفذ المهندس شريف إسماعيل هذا الاقتراح سيكون له السبق، وسيكون قد أهدى للوزراء أغلى هدية وأفضل كلمة شكر. فلقد ارتبط خروج أي وزير من الحكومة إما بخطأ أو فشل أو فضيحة أو اخفاق في مهمة، وربما يكون ذلك سببا آخر لعزوف الكثيرين ممن يصلحون عن قبول المنصب، وقد يسهل هذا الاقتراح مهمة المهندس شريف في طرح الأسماء الجدد على البرلمان، كما ينص الدستور. ويشير الكاتب إلى أسباب كثيرة تجعل ذوي الخبرة والكفاءات يبعدون عن الوزارة، ويتجنبون حمل لقب وزير. المهمة ليست سهلة، وحتى لا يفسر الخبثاء ما أقوله خطأ على أنه لا يوجد في مصر من يصلح وزيرا فإنني أؤكد أن الكفاءات كثيرة ولكن المناخ لا يجذب الكثيرين إلى خوض هذه المعركة».

لغتنا الجميلة

نتحول للساخرين ومنهم محمد حلمي في «المصريون»: «انتفض عبدالمنصف المرزوقي الرئيس التونسي المنتخب عقب ثورة الياسمين، للدفاع عن لغة القرآن اللغة العربية، وهو الليبرالي العربي العتيد، لكنه من أشرف من أنجبت الأمة مقارنة بزبالة الليبراليين المصريين إلا أقل القليل. سخر المرزوقي من نائب تونسي ذكر مثلا عاميا تونسيا على أنه آية من القرآن الكريم.. المثل هو «كل شاة معلقة من كراعها». ثم شن هجوما شرسا على محاولات تدمير أعظم وأجمل لغات العالم لغة القرآن والرابط الوحيد بين الأمة العربية، وعرج المرزوقي على أستاذة جامعية تدعى سلوى الشرفي كتبت على صفحتها حكمة اليوم: (قال تعالى اسمعوا كلام الحاكم.. سورة النساء آية 59) وقالت إن ذلك ترجمة لمعنى من معاني القرآن باللهجة التونسية. المرزوقي وصف ما أقدمت عليه الوليَّة المهروشة بأنه مؤشر خطر.. منذ نحو عام مضى، غَطَّت صفحات التواصل الاجتماعي صورة للرئيس التونسي الباجي السبسي (بالباء يا أخوانَّا الله يكرمكم!) وهو يصلي وقد ضم يده اليسرى فوق اليمنى ــ تقريبا من باب التجديد ــ وعلى عينيه نظارة شمسية ــ أظن أيضا من باب التطوير ــ تسألني لماذا وضع النظارة الشمسية على عينيه داخل المسجد، رغم عدم وجود إضاءة شديدة؟ أقول لك لا تظلمه.. ربما أخبره رجال المخابرات أن الإمام ينوي بعد الفاتحة قراءة سورة الشمس.. فوضع النظارة على مذهب أبو قليطة التونسي».