سليمان العيدي

ما يربطنا بالصديقة الولايات المتحدة الأميركية ليس محورا معينا، بل هي صداقة قديمة منذ عهود في المجال الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي، وكذلك العلاقات الاستثمارية

عندما تريد أن تسأل عن مستوى العلاقة بين دولة وأخرى، فإن مفتاح الإجابة بالتأكيد لدى حامل حقيبة الخارجية، وهذا بالطبع ما جعلني أقدم قراءة متأنية عن مستوى العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية في عهد الإدارة الجديدة، تحت مظلة ترمب. 
والإجابة القاطعة تكمن في الملف السياسي الذي حملته تلك الجمل الواضحة في حديث وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير أمام حشد من الصحفيين، وكانت المعلومات التي قدمت كافية لتقييم العلاقة بين البلدين الصديقين المملكة وأميركا. 
ومن بين تلك المفاهيم التي وردت في المؤتمر الصحفي الذي أعلن عدة جوانب من هذه العلاقة، بدأها بالتفاؤل بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتأكيده على العمل سويا وتوثيق العلاقة معه للتعاطي مع التحديات في المنطقة والعالم، وهذا يعني أن المملكة تتطلع إلى العمل بجدية مع إدارة ترمب للتعاطي كما يقول في مختلف القضايا، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو العالم ككل.
وقد وصف الجبير العلاقة السعودية الأميركية بأنها علاقة إستراتيجية ذات جوانب عدة، فأكد الجبير أن ما يربطنا بالصديقة الولايات المتحدة الأميركية ليس محورا معينا، بل هي صداقة قديمة منذ عهود في المجال الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي، وكذا العلاقات الاستثمارية والعلاقات بين الشعوب، وقد أكد هذه العلاقة تلك الزيارات المتبادلة على أعلى مستوى في البلدين، مما يؤكد عمق هذه الصداقة وقِدمها، وقد آن الأوان لتعزيز العلاقات الثنائية، والتعامل بإيجابية مع التحديات الكثيرة، والحديث ما زال لوزير الخارجية الجبير بقوله: سواء كنا نتحدث عن سورية، العراق، اليمن، ليبيا، أو مكافحة الإرهاب، والتعاطي مع القضايا المالية والطاقة، وهذا يعني أن هناك خطوطا مشتركة يمكن التعامل خلالها إذا أرادت إدارة الرئيس ترمب ذلك. فالتفاؤل موجود والتطلع على أعلى مستويات حسن النوايا التي يرغبها العقلاء في البلدين. 
وفي مجال تأييد المواقف التي عبر عنها الرئيس ترمب جاء تصريح الجبير مؤكدا الاتفاق معها تماما، إذْ فيها خدمة السلم العالمي، وهو أمر ترحب به المملكة منذ تأسيسها، وأن غياب الحضور الأميركي يخلق فراغا في السياسية العالمية، لأن عدم تحركها مدعاةٌ لأن تسعى قوى الشر إلى أن تملأه، وقد استشعر قوة هذه النظرة عندما تحدث عن هذه الإيجابية في زوايا العلاقات تجاه ترمب بالقول: لأننا كنُّا على تواصل مع إدارة ترمب من أجل التباحث في هذه القضايا، وهو ديدن المملكة السبّاقة دوما لإنجاح أي عملية تحقق السلام في المنطقة والعالم أجمع.
تلك هي النظرة التفاؤلية التي شرح بها وزير الخارجية لعموم الصحافة المحلية والعالمية، خاصة مع بدء إدارة الرئيس الأميركي الجديد، والحديث عن مستقبل هذه العلاقات التي شكك كثير من الحاقدين على هذا البلد بأن إدارة ترمب ستقلب الموازين، وأن هناك مراجعة للعلاقات السعودية الأميركية، ولم يَعِ هؤلاء وغيرهم أن سجلا حافلا من عمق العلاقة بين البلدين الصديقين كانت نواته إبان السفينة البحرية التي جمعت بين الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- والرئيس الأميركي روزفلت في البحيرات المرة بمصر عام 1945، وتجاوزت كل معايير تكوين الصداقة بين الشعوب، لتكون هذه العلاقة إستراتيجية طويلة الأمد لا يشوبها ترمب أو غيره أو مجلس شيوخ، بل هي تلاقي المصالح المتبادلة والمنافع التي تحققت على مدى تلك العقود من الزمن، حتى جاءت إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "وفقه الله"، الذي يؤكد دوما عمق هذه العلاقة التي أوردها معالي وزير الخاريجية. فشكرا للجبير هذه الرؤية وللصحافة هذا الحضور.