علي سعد الموسى 

قال لي بنبرة مؤلمة لا تخلو من غضب وهو يبكي بين والدته: لقد حكمها والدي أربعين سنة باسم الدين والتدين ثم رماها هكذا كي يصبح مكانها في كرت العائلة مجرد "نمرة" شاغرة كي يذهب به إلى زواج رابع أو "عاشر" جديد. كان يقولها بشعور طفل لم يبلغ الخامسة عشرة بعد وهو يصف بلسان روائي مذهل كيف استطاع والده تحويل أمه إلى مجرد مستعمرة لم تخرج من منزل الزوج طوال عقود الزواج الطويلة إلا في مرات معدودة، لأن والده أقنعها أن هذه تعاليم الدين. "لم تعرف أمي شكل الشمس ولا المطر، ولم تستطع أمي لأربعين سنة أن تشتري لها من سوق.... وكانت حتى تتحمل عذاب الولادة وألم الأسنان وحيدة بين جدران المنزل، لأن المشفى عند أبي ليس من الضرورة إلا على مشارف الموت للمرأة"، ثم هكذا رماها في هذا البيت المهجور لأهلها بعد أربعين سنة من أجل حلال الزواج من زوجة تعدد جديدة.

قصتها الإنسانية المؤلمة تأخذني إلى السؤال الصارخ: كيف يستعبد الإنسان نظيره الإنسان باسم الدين؟ وفي حاكمية الدين يستوي هذا الاستعباد فلا فرق وكل يحكم به من كان حوله: باسم الدين قد يستعبد الإنسان الزوجة أو الأبناء أو المجتمع أو حتى الشعوب. باسم الدين استعبد رجل "المورمن" المرأة في الغرب الأميركي لقرنين من الزمن بذات مقدار استعباد هذه المرأة في القصة السابقة في هذا الخبت التهامي. باسم الدين أيضا استطاع سدنة "الكونفوشوسية" تحويل المرأة في الصين إلى مجرد رقيق لدى الرجل القادم إلى حياة المرأة من طهارة آلهة الحياة الكاذبة المزعومة. باسمه أيضا استطاع شيخ العشيرة الإفريقية إقناع العوام من الزنوج أن شيخ القبيلة يلد وفي حلقه وعلى أطراف لسانه رسالة رب الإنسان الأسود. باسم الدين استطاع الخميني تغييب واحد من أرقى شعوب الأرض وأعظمها حضارة، وباسمه أيضا ما فعلته طالبان وتفعله داعش، وتماما، مثلما فعلته حضارة "الفرعون" المصري الذي كان يقنع كل فتاة جميلة بالانتحار في مياه النيل من أجل حياة الفرعون. بحاكمية الدين وبتزوير نسخته تستطيع أن تحكم كل شيء.... من الزوجة إلى جماهير الشعوب.