الطاهر الطويل

تنطلق اليوم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أعمال الدورة العادية الثامنة والعشرين لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، وتخصص هذه الدورة التي تستمر يومين لانتخاب هياكل الاتحاد، بما فيها منصب الرئيس ورئيس المفوضية، بحسب المذكرة الإعلامية الصادرة عن رئاسة المنتظم القاري. كما يوجد ضمن جدول أعمال القمة مناقشة طلب المملكة المغربية الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، وذلك في إطار جلسة مغلقة. 

وبينما يعلّق المغرب آمالا عريضة على عودته إلى ساحة العمل الإفريقي، بعد غياب دام 33 سنة، أفادت مصادر أن القرار سيبلغ الى المغرب بعد انتهاء القمة. وبهذا الخصوص، يقوم العاهل محمد السادس منذ أول أمس بزيارة رسمية إلى أديس أبابا، ضمن مساعيه من أجل عودة المملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي، مثلما جاء في بلاغ للديوان الملكي.
ويرى مراقبون أن الشروط مشجعة لحصول رد إيجابي على الطلب، أولا باعتبار المغرب بلدا إفريقيا، وثانيا لكونه وضع طلبا بهذا الخصوص لدى مفوضية الاتحاد الإفريقي دون اشتراط إبعاد ما يسمى «الجمهورية الصحراوية»، وثالثا لكون أكثر من أربعين بلدا إفريقيا أبدوا موقفا إيجابيا في الموضوع بعد استشارة أطلقتها مفوضية الاتحاد الإفريقي، والحال أن ميثاق هذا المنتظم القاري يستلزم التوفر فقط على أغلبية نسبية مكونة من 28 دولة.
وكان وفد مغربي برئاسة صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية والتعاون، التقى الخميس الماضي رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسازانا دلاميني زوما، على هامش الدورة 28 من القمة العادية لرؤساء الدول والحكومات، حيث أخبرتهم المسؤولة الإفريقية أن الطلب المغربي وُضع ضمن جدول أعمال القمة، بعد الحصول على عدد من الأجوبة في الموضوع من لدن رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد. وأوضحت زوما أن القرار سيعلن عنه رسميا بعد القمة المقررة يومي 30 و31 كانون الثاني/ يناير، مثلما جاء في بلاغ صادر عن رئاسة الاتحاد الإفريقي.
ووصفت صحيفة مغربية هذا البلاغ بـ«المريب»، حيث لاحظت أن العبارة الأخيرة فيه توحي بأن المغرب لن يحصل على القرار النهائي الذي يعلن انضمامه الفعلي إلى الاتحاد الإفريقي، إلا بعد انتهاء أعمال القمة، بينما يفترض جدول أعمال المؤتمر أن يحسم في الأمر في الاجتماع المغلق الأول الذي يعقده قادة الدول الأعضاء في الاتحاد، صباح الاثنين، قبيل الجلسة الافتتاحية العلنية للقمة. وكتبت صحيفة «اليوم 24» الإلكترونية أن عبارة «القرار سيعلن عنه رسميا بعد القمة» وإضافة إلى إشارتها المريبة إلى احتمال تأجيل إعلان عضوية المغرب إلى ما بعد القمة، ينطوي على تأويل خاص لميثاق الاتحاد الإفريقي، يفيد بأن الحصول على الحد الأدنى الضروري، أي الأغلبية النسبية، يؤدي إلى إدراج الطلب ضمن جدول أعمال القمة وليس إعلان حصول العضوية الفعلية داخل الاتحاد.
وكان طلب الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي أثار سجالا قويا في الأوساط السياسية والأكاديمية والإعلامية المغربية، على هامش مصادقة البرلمان المغربي على الميثاق التأسيسي للاتحاد، حيث رأى البعض في ذلك إقرارا بوجود «البوليساريو» ضمن أعضاء الاتحاد المؤسسين، في حين أن خروج المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية قبل 33 سنة، كان بسبب اعترافها بما يسمى «الجمهورية الصحراوية» التي توجد في نزاع مع المغرب حول الصحراء الغربية، منذ 1975.
وبينما يشترط ناشط سياسي مغربي أن تكون عودة المغرب إلى المنتظم الإفريقي «بكامل التراب الوطني»، يعتبر قيادي في جبهة «البوليساريو» الانفصالية أن مصادقة المغرب على الميثاق التأسيسي «يفرض عليه الامتثال لهذه الوثيقة الأساسية التي تلح على احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار.» 
ونقلت قناة «الغد» عن الناشط الحقوقي المغربي محمد طارق السباعي، رئيس «الهيئة الوطنية لحماية المال العام» قوله «إن تصويت البرلمان المغربي على ميثاق الاتحاد الإفريقي، هو تصويت على عودة المغرب بكامل ترابه الوطني، أما إذا كان الأمر غير ذلك فلابد من استفتاء شعبي وحل البرلمان لأن التفريط في شبر من التراب الوطني يعتبر جريمة وخيانة وطنية». وتابع قائلا: «نحن أمام خيارين: إما أن يقبل الاتحاد الإفريقي بالمغرب بكامل ترابه، بما فيه الصحراء، وإما أن يعرض هذا الأمر على استفتاء شعبي». وأشار إلى أن «الشعب المغربي لا يمكنه التفريط في ترابه الوطني، أي في صحرائه، ولا يمكن للمنتظم الإفريقي أن يغبط حق المغرب وسيقبله بكامل ترابه»، موضحا أن هذا القانون «لم يناقش لا على صعيد البرلمان ولا على صعيد الأحزاب السياسية، وجاءت المصادقة عليه بشكل مسرع وبالإجماع.»
أما جبهة «البوليساريو»، فكان لها تأويل خاص للموضوع، حيث نقلت صحيفة «الخبر» الجزائرية عن محمد سالم ولد السالك بوصفه «وزير الشؤون الخارجية» في الجمهورية المزعومة، قوله «إن المغرب يريد الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي للخروج من عزلته على المستوى الإفريقي والدولي بسبب سياسته الاحتلالية» على حد تعبيره، معتبرا أن المغرب هو «البلد الإفريقي الوحيد الذي لا يعترف بالحدود الموروثة عند الاستقلال». وألح قيادي «البوليساريو» على أن هذه الأخيرة «لا تشكك في حق المغرب ـ بصفته بلدا إفريقيا ـ في الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، ولكنها تعتبر أن هذا الانضمام مناقض لمبادئ ورؤية وروح المنظمة الإفريقية المتضمنة في العقد التأسيسي للاتحاد». وأضاف أن مصادقة البرلمان المغربي على الميثاق التأسيسي «يفرض عليه الامتثال لهذه الوثيقة الأساسية التي تلح على احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار» بحسب قوله.
وسارعت الجزائر المعروفة بمساندة «البوليساريو»، إلى الإعراب عن موقفها من الطلب المغربي، حيث قال عبد القادر مساهل، الوزير الجزائري للشؤون المغاربية والإفريقية والعربية، إن المغرب الذي ستنظر القمة الإفريقية المرتقبة في ملف انضمامه لن «يوفق» في إخراج «الجمهورية الصحراوية» من المنظمة، وتابع قوله في حديث لقناة «الشروق» إن «المغرب غادر بيت الاتحاد الإفريقي منذ 33 سنة، وحاول مؤخرا العودة إليه مقابل إخراج الصحراء الغربية ولكنه لن ينجح».
في السياق ذاته، ذكر رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، في تصريح إلى مجلة «جون أفريك» أنه «لن يكون هناك نقاش حول عضوية الجمهورية الصحراوية، لأنها عضو مؤسس له الحقوق والالتزامات نفسها مثل الجميع، والنقاش هو حول طلب انضمام قدمته المملكة المغربية.» وبخصوص سؤال حول إذا ما كان الأمر يتعلق بعودة المغرب إلى المنتظم الإفريقي أم بطلب انضمام، قال المسؤول الجزائري: «ليس هناك نقاش في هذه المسألة، هناك منظمة جديدة (الاتحاد الإفريقي تأسس عام 2002 على أنقاض منظمة الوحدة الإفريقية)، وهناك دولة لم يسبق أن انتمت إلى هذه المنظمة. ولا يحتاج المرء للتخرج من السوربون أو حيازة دكتوراه في القانون لمعرفة أن الأمر يتعلق بانضمام وليس عودة، والبقية مجرد دعاية» بحسب تعبيره الذي نقلته عنه صحيفة «الشروق اليومي».