سمير عطا الله

 قالت الممثلة المكسيكية سلمى حايك، ردًا على جدار دونالد ترمب: «فلتردّ لنا الولايات المتحدة كاليفورنيا وتكساس». ومن جهة أخرى بدأت في ولاية كاليفورنيا حركة، ثانوية الآن، تدعو إلى انفصالها عن الولايات المتحدة. وهذه عوارض تبدو بسيطة ومحدودة الآن. لكن الواضح أن ترمب يُشعل، في ما يُشعل من حرائق، نارًا في أطراف الثوب الأميركي. يذكّرنا ترمب، إلى حد بعيد، بالقضايا التي أثارها إردوغان في تركيا المتعددة، عندما قرر أن يدعم في سوريا فئات عرقية ويواجه أخرى.


يثير ترمب، عن معرفة وسابق قصد وتصور، قضايا تبدو في ظاهرها لحماية الأمن القومي الأميركي، لكنها تمس بالواقع في سلامته. دعك أنها تمس بصورة أميركا وكيانها الدستوري، وتعيد إلى الذاكرة في أنحاء العالم، صراعاتها العبثية مع كثير من شعوبه.
لا نعرف إلى أين سوف تؤدي هذه المواجهة، وإلى متى تستمر، وهل تستمر؟ لكن لا العالم، ولا الولايات المتحدة نفسها، يحتمل المضي على هذا الإيقاع اليومي من الهزات التي يحركها الرئيس الأميركي الجديد، خصوصًا أميركا، التي تزداد انقسامًا حول خطاب الرجل، بعدما تأكد أنه لن يكون هناك اختلاف بين طالب البيت الأبيض وساكنه؛ إذ لا شك أن فريقًا من الأميركيين تجتذبه شعارات ترمب، والآن سياساته. وهناك تيارات شعبوية حول العالم تتجاوب معه أيضًا. وقد بدأ الانقسام في الانتقال من أميركا إلى أوروبا. والكثير من الاتجاهات الانتخابية في فرنسا وألمانيا هذا العام، يعتمد على مدى تقدم، أو تراجع، طروحات الرجل الهجومي، الذي حوَّل المراسيم الجمهورية إلى رشاش يومي في كل الاتجاهات.
ليس في خطوات ترمب حتى الآن، ما هو مخالف للقانون. لكن معظمها مخالف للأعراف والقواعد، إضافة إلى أن بعض السلوك في تطبيقها يشبه تمامًا سلوك الدول الذي يرى فيه خطرًا على بلاده. فالاحتجاز في المطارات، أو ردّ الناس من حيث أتت، على الرغم من الموافقة الرسمية المسبقة، عمل تعسفي بالغ. ويظل من الأسهل بكثير، منع المسافرين من ركوب الطائرات في موانئ الإقلاع، من طردهم بعد رحلة مضنية إلى مطارات أميركا. ففي هذا العالم ما يكفي من المشردين والتائهين والمبعدين والفاقدين سقوفهم وسماءهم وترابهم.