خالد أحمد الطراح

 إن ثقة المواطن بالحكومة معدومة وليست «شبه معدومة»، كما قال الأخ الشيخ محمد العبدالله وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة، ضمن ملتقى الإعلام الشبابي!
والسبب ليس في «عدم استعداد المواطن لسماع إنجازات الحكومة»، فالثقة فقدت ليس في غفلة من الزمن، وإنما منذ عشرات السنوات، وتحديدا قبل الغزو، ونتيجة استبدال مجلس الأمة بالمجلس الوطني، علاوة على عدم وجود إنجاز حكومي يعود بالمنفعة الحقيقية على الدولة والشعب أيضا!

يعود فقدان الحكومة للمصداقية إلى الفشل في إشراك المواطن في الإصلاح ومشاريع التنمية البشرية بسبب التردد، وليس مواجهة الواقع السياسي والاقتصادي، الذي يشهد تراجعا ملموسا حتى على المستوى التعليمي، الذي يعد ركيزة أساسية في تنمية الموارد البشرية.
لاشك أن تلمس الوزير العبدالله لمعضلة عدم ثقة المواطن في الحكومة هي بذاتها قضية تستدعي الحكومة، إن كانت جادة في الحصول على ثقة المواطن في بحث وتحديد مصادر عدم الثقة!
إن «وجود 64 ناطقا رسميا لكل الجهات الحكومية»، لا يعني حلا لمشكلة «عدم الثقة»، بل يفترض أن يكون هناك جهاز لدى الحكومة، لدراسة مثل هذه الظواهر السلبية، خصوصا في ما يتعلق بالعلاقة بين الحكومة والشعب، وما أكثر الأجهزة الحكومية، التي باتت عبئاً مالياً ومصدراً لتضخم الجهاز الحكومي من دون أي عائد يذكر!
ثروة البلد الحقيقية في استثمار الموارد البشرية، التي غابت عن الأولويات التنموية، فمشاريع المدن العمالية على سبيل المثال ليست مشروعا تنمويا يمكن أن تتشدق به الحكومة، بينما تنمية الثروة البشرية غائبة كلياً!

الحديث عن المواطن هو الحديث عن المجتمع بكل شرائحه وفئاته العمرية، أي أن الرأي العام لا يتفق مع سياسات الحكومة، حتى التي تغازل مشاعر البعض من الشعب، بسبب تركيز الحكومة على قياس نبض الشارع من خلال بعض نواب الأمة ومطالبهم الشعبوية، وهو ما جعل الحكومة تتوغل في الانصياع للشارع بدلا من قيادته، وهو ظاهرة ليست جديدة على الحكومة!
وثيقة الإصلاح ما زال المواطن لا يعرف مصيرها، ولا يعرف المحاور التي تم أو سيتم تصحيحها أو تطويرها، وليس بين يديه جدول زمني لذلك، فمن أين يمكن أن تولد الثقة بسياسات الحكومة؟
هل من الصواب عرض خطة التنمية التنفيذية لعام 2017 ــ 2018 على المجلس الأعلى للتخطيط الجديد، الذي لم يمض عليه أسبوع من بدء أعماله؟!
أما التعليم وسوق العمل، فالمؤشرات المحلية والعالمية تنذر بنتائج مفزعة، وكذلك الحال بالنسبة للفساد، حيث لم تسلم حتى هيئة الفساد من الأخطاء الدستورية!
التعيينات والترقيات تتقاذفها أمواج النفوذ والمقايضة!
صفقات ملغومة لم يدن فيها وزير أو أي مسؤول آخر، إلى درجة أن معظم الصفقات الاستثمارية الخاسرة، وكذلك المشاريع النفطية الجديدة والقديمة، هي في الوقع مثار جدل ومصدر عدم ثقة بسياسات الحكومة.

هل يعقل أننا في جنة التنمية والمواطن لم يدرك ذلك إلى اليوم؟!
ليس من الصواب قياس مستوى ثقة المواطن بالحكومة بحجم وعدد إنجار المشاريع الإنشائية المكلفة، وإنما في إشراك الموطن في صناعة القرار، واستشراف المستقبل، وترجمة هذه المتطلبات إلى واقع ملموس، وليس عبر تصريحات إنشائية!
مبادرة «الكويت تسمع» ينبغي تطويرها حتى ربما تستعيد الحكومة جزءاً من الثقة المفقودة!