ماهر ابو طير 

يخسر الاكراد كثيراً، من ايحاء الإسرائيليين المتواصل ان إسرائيل تدعم انفصالهم، عن العراق، وبرغم ان رئيس الحكومة الإسرائيلية، ينفي أي صلة لإسرائيل، بما يجري في كردستان، الا ان الكل يعرف ان هناك شركات إسرائيلية في كردستان، وخبراء امنيين واقتصاديين، يديرون الإقليم، سرا.

العلاقة بين قيادات الاكراد وإسرائيل، علاقة قديمة، ولعل المفارقة، ان تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية الأخيرة، التي تتحدث عن مشاعر الدعم للاكراد، من اجل تحقيق تطلعاتهم، بقيام دولة كردية، لا نرى مثلها من جانب إسرائيل، تجاه الفلسطينيين، الذين تمت سرقة ارضهم، وفوق هذا تعرقل إسرائيل اليوم، قيام دولة فلسطينية صغيرة، فيما تبقى من ارض في الضفة الغربية، لكنها الازدواجية الإسرائيلية، التي تتبنى منح شعوب محددة، حقوقها، وتتعامى عن حقوق شعوب أخرى، قامت هي ذاتها بالاستيلاء عليها.

لكن علينا ان نتحدث بصراحة اليوم، إسرائيل هي المستفيد الأول، من انفصال الاكراد، وقيام دولتهم، إذ إن هذا الانفصال سيؤدي الى تعزيز مصالح إسرائيلية، بتقسيم العراق، وتفجير مشكلة الاكراد في وجه الإيرانيين والأتراك، وتهديد بنية سورية، أيضا، وتعريضها لتقسيم مشابه، إضافة الى مايتعلق بملفات النفط والثروات.

الفرق بيننا وبين إسرائيل كبير، وهذا ليس اعجابا بالعدو، بقدر كونه اقرارا بواقع، إذ إن تل ابيب، تسللت الى دول كثيرة، وليس ادل على ذلك من نفوذها في الولايات المتحدة، وأوروبا، وأفريقيا، ومبادرتها دوما بالدخول الى مدارات غير متوقعة، ضمن حسابات استراتيجية، تقول لها، إن عليها أن تتدخل في هذا البلد أو ذاك.

هذا ما شهدناه في كردستان، ولا بد ان نشير الى ان الاعجاب بالاسرائيليين كبير جدا، بين اكراد العراق، والذي يرصد مداخلات علنية لأكراد يعيشون في كردستان، ويعلقون لصالح إسرائيل، على الصفحات الرسمية، لمسؤولين إسرائيليين، يدرك حجم الافتتان، وهو طبعا، افتتان تسببت به، وفي بعض جوانبه ممارسات الاضطهاد العربية، ضد الاكراد في العراق، وغيره من دول، لم تتمكن من صياغة هوية وطنية جامعة، وبقيت تتحدث عن مواطنين من الدرجة الأولى، والثانية، والثالثة.

لكن التصيد الإسرائيلي، في المياة الكردية، تصيد تراه كل عين، وما لا يعرفه الاكراد، ان دخول الإسرائيليين، على ملف قوميتهم، بهذه الطريقة، يؤدي في الأساس، الى تلطيخ سمعتهم، ومس نضالهم، وانتقاص مظلوميتهم، فحيثما كانت أصابع إسرائيل، كانت هناك «قصة» ولا يمكن الا ان يخسر الاكراد وهم مسلمون، من هذه المباركات الإسرائيلية، لرغباتهم الانفصالية، هذا على الرغم، من الاعتراف انهم قومية لها تعريفاتها والكل يقر أيضا، انهم تعرضوا للاضطهاد في دول كثيرة.

ربما، لا يدرك الشعب الكردي، خصوصا، في العراق، الجانب الوظيفي، في التعاطف الإسرائيلي، وهو جانب لا يمكن قبوله او شرعنته، بذريعة مظلومية الاكراد، وعلينا ان نستمع كل فترة، الى مزيد من النفاق الإسرائيلي، الذي يتضامن مع شعوب مضطهدة، لكنه في الوقت ذاته يسرق ارض شعب آخر، ويضطهده يوميا!