خالد السليمان

خلال رحلة قطار داخل إيطاليا تستغرق 4 ساعات جلس أمامي مسافر أمريكي أبيض، ترافقه زوجته الجنوب أفريقية من أصول هندية، ولم نملك خلال الساعات الأربع إلا أن نتبادل حديثا لم يخل، كالعادة في مثل هذه الحوارات، من رغبة المتحاورين في سبر أغوار ما خفي من الثقافات بين الشعوب !

أدهشني في البداية سعة اطلاعه على ما تمر به المنطقة من أحداث، وأظهر إلماما لافتا كونه ليس إعلاميا أو سياسيا بالخلاف الخليجي مع قطر والأحداث في سورية والعراق، والدور الإيراني في أزمات المنطقة، لكنه لم يفوت الفرصة لطرح السؤال الذي أتلقاه أينما ذهبت: لماذا لا تسمحون للنساء بقيادة السيارة، فهذا المنع غير مفهوم بالنسبة للأجانب، كان جوابي أن بلادي تشهد تغييرا نحو تحقيق رؤية جسورة لمواكبة تحديات الزمن والمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالعالم، وأن مواضيع مثل منع قيادة المرأة ستكون من الماضي وسيستوعبها المجتمع ويدرك أنها لا تصطدم بثقافته الإسلامية ومعايير قيمه الأخلاقية!

قال هل الديمقراطية من ضمن المتغيرات، قلت له أحيانا عندما تريد إحداث تغييرات جذرية وتحولات عميقة في مجتمع جامد فإن الديمقراطية قد تكون محصلة وليست محركا، واليوم يقود التغيير في السعودية أمير شاب طموح، لكن التغيير لا يعني الضغط على زر لمرة واحدة أو أن يتم بسرعة تغيير ثوب، فهناك تحولات تتطلب عوامل مساعدة، ومتغيرات كبيرة تنتجها متغيرات صغيرة، والأهم من ذلك فهم المجتمع لطبيعة التحول واستعداه لتقبله والمساهمة فيه، لأنه دون هذه المساهمة لا يمكن تحقيقه !

العالم اليوم ينظر إلى بلادي بعين أخرى، يرى ملامح مختلفة ويشعر بتحول محتمل، لكن السعودية الجديدة لا تبحث عن عيون الآخرين، هي تبحث عن مرآة ترى فيها نفسها، سنصنع نحن السعوديين التغيير لأنفسنا، لتكون بلادنا أقوى في مواجهة التحديات، وهذه المواجهة ليست خيارا بل واقع يتطلب قوة من الداخل يصنعه إيمان بالوطن وطموح للمستقبل ورغبة في الإصلاح، وأن ننساب مع تيار الزمن بنوايا صادقة ولياقة عالية وأهداف محددة، دون أن نسابقه أو نقاومه حتى لا نغرق فيه!