سعد بن عبدالقادر القويعي

في تغريدة على حسابه في تويتر، وفي حلقته الأولى من حلقات الرد على التطرف الإرهابي, يكشف مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع عن حجم الضلال الفكري للجماعات الإرهابية, وكيف أنها شوّهت صورة الإسلام بتأويلاتها الفاسدة؟ - وفي تقديري - أن اتهام الدين الإسلامي بأنه يحث على الإرهاب، واتهام كل المسلمين بأنهم إرهابيون، هو أثمن ما تقدّمه تلك الجماعات الإرهابية من خدمة للجماعات اليمينية المتطرفة في الغرب، والتي تتبنى نهج «الإسلاموفوبيا». - ومع هذا - فإن نتائج المعركة النهائية مع التنظيمات الإرهابية التي تروّج لأفكارها، وتهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية, لن يكون إلا بتجفيف منابعه، وفضح أهدافه، وممارساته التي تتعارض مع القيم الإنسانية, وتقوِّض مبادئ التسامح الديني.

الخطير في الأمر، أن الإسلام يواجه - اليوم - جملة من التحديات، جعلت منه هدفاً لوسائل الإعلام العالمية؛ ولعل من أبرزها: انتشار ظاهرة التشويه الإعلامي المتعمد لصورة الإسلام، والمسلمين، وإنكار قيم الإسلام النبيلة، وتعاليمه السامية، وذلك من خلال التعبئة الإعلامية المتعمدة التي يشنها الغرب على الإسلام، والتي وجدت فيها منفذاً؛ لتشويه صورته الحقيقية، والتحريف، والتضليل، وإظهاره على أنه دين يدعو للقتل، والتخريب؛ من أجل التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وإحداث الصراعات، والنزاعات في المنطقة، وذلك عن طريق ارتكاب هذه التنظيمات أعمالاً لا تتفق مع الإنسانية.

في كتابه «الإسلام والإعلاموفوبيا.. الإعلام الغربي والإسلام: تشويه وتخويف»، يؤكّد - الدكتور - المحجوب بن سعيد، على أن موقف الغربيين من الإسلام لم يختلف في حقبة الاستعمار في مطلع القرن العشرين، عن مواقفهم في الحقب السابقة، فقد كانت: «حركة الاستشراق في مجملها أداة من أدوات مواجهة التهديد الإسلامي المزعوم، وكان المطلوب من هذه الحركة استكشاف معالم العقلية الإسلامية، وفهمها فهمًا جيدًا؛ لتسهيل عملية استعمار الشعوب الإسلامية، واستغلال خيرات البلاد الإسلامية. وفي المرحلة المعاصرة، تتسق نظرة الغربيين إلى الإسلام مع تلك المنظومة من الرؤى المعادية التي ورثها العقل الغربي، فالإسلام يمثّل تهديدًا للغرب، كما هو واضح من نظرية زبجنيو برجنسكي عن هلال الأزمات، مرورًا بنظرية برنارد لويس عن عودة الإسلام، وانتهاء بنظرية صاموئيل هنتنغتون عن صدام الحضارات. ونهضة الإسلام بالنسبة إلى هؤلاء جميعًا؛ تعني نهاية الحضارة الغربية، لا باعتبار الإسلام مجرد منافس أيديولوجي - فحسب -، بل لأنّه - أيضًا يمثِّل - تحديًا حضاريًا بالغ الخطورة.

مع اتساع دائرة النقاش - السياسي والفكري -؛ وحتى لا ندخل في العموميات، فإن التنظيمات الإرهابية تقوم بالحرب بالوكالة عن القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أكدته الوثائق المنشورة عبر وسائل إعلام - أمريكية وعربية -، بل وبشهادة هيلاري كلينتون - وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة - في كتابها الذي أصدرته تحت عنوان «خيارات صعبة»، من أن: «الإدارة الأمريكية هي التي قامت بتنظيم، ودعم الدولة الإسلامية في العراق، والشام؛ لتقسيم منطقة الشرق الأوسط»؛ الأمر الذي سيجعلنا أمام تحد كبير، يعمل على تصحيح المعلومات الخاطئة عن الإسلام في وسائل الإعلام العالمية، وذلك من خلال بلورة التصورات الأكاديمية، والمنهجية، واقتراح الآليات التنفيذية، والبرامج الميدانية لمناقشة الشبه، وإبراز حقيقة الإسلام، وطرق مواجهتها.