سمير عطا الله

مهَّد سيرغي لافروف في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أول من أمس، لجدول أعمال القمة السعودية الروسية وأبعادها وأعماقها. ولا شك أنه أكثر من تولى الإعداد لها، من الجانب الروسي، عندما قام أخيراً بزيارة الرياض. ولم تترك العاصمتان مكاناً للتكهّن حول مدى الأهمية التي تعطيانها للِّقاء بين خادم الحرمين الشريفين وسيد الكرملين في مرحلة لا يكفي على الإطلاق أن توصف بالتاريخية.

يرى لافروف أن الرياض تشغل تلقائياً موقفاً مفصلياً في استقرار المنطقة وسلام العالم. ويعتبر أن التوافق معها مدخل أساسي إلى الحلول المرتقبة لسلسلة المشاكل والقضايا التي تهدد المنطقة منذ سنوات، وتهدد السلام الدولي الهش والمعقد.

ومن هذا الواقع، يمثل الملك سلمان بن عبد العزيز في القمة مع روسيا، ما مثله في القمة مع الرئيس الأميركي في الرياض، أي مجموعة الشعوب والدول العربية والإسلامية الساعية أبداً إلى تعاون أممي راسخ في سبيل عالم أكثر أمناً واطمئناناً. لم تكن السعودية حاضرة في اشتعال أي مشكلة من المشاكل التي توالدت في الشرق الأوسط على نحو واضح ومعلن ولا يحتمل التأويلات. لكن ليس في إمكانها ولا في تقاليدها أن تكون غائبة ساعة البحث عن حلول عادلة.

يحمل الملك سلمان بن عبد العزيز ثوابته معه في عالم متغير. ومن أبرز المتغيرات في الآونة الأخيرة، عودة روسيا إلى المنطقة، ليس فقط كقوة سياسية، بل كدور عسكري، مرفق بسلاح خفي يسمى حق النقض، أو الفيتو، الذي حال دون اتخاذ أي قرار دولي لا تقبل به موسكو.

السياسة وقائع، أكثر مما هي تمنيات. ويتحمل أقطابها مسؤوليات تاريخية في مواجهة التحديات الصعبة: القمة السعودية - الروسية منعطف أولي في مسار التحولات الكبرى. وعلى ضوء نتائجها وأبحاثها، تتوقف ملامح المرحلة الآتية، خصوصاً في الساحة السورية.

لعلها القمة الأولى من نوعها بين عاهل سعودي ورئيس روسي. بعد مائة عام على الشيوعية التي رفضت الرياض إلحادها، تبدو العلاقة بين الفريقين اليوم، أقرب إلى الدخول في شراكة كبرى.