عبد الله مصطفى

جرى الإعلان في العاصمة البلجيكية، عن التوصل إلى اتفاق بين سلطات التحقيق في كل من بروكسل وباريس حول حضور صلاح عبد السلام، الناجي الوحيد من بين منفذي هجمات وقعت في العاصمة الفرنسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، لجلسات محاكمته أمام القضاء البلجيكي، في قضية تتعلق بإطلاق نار على رجال الشرطة أثناء عملية مداهمة أمنية، جرت قبل أيام من اعتقال عبد السلام في بروكسل في الثامن عشر من مارس (آذار) العام الماضي.

وقال إريك فانديرسبت، المتحدث باسم مكتب التحقيق الفيدرالي، إن كلا الجانبين توصل إلى حل قضائي لإتاحة الفرصة أمام عبد السلام لحضور محاكمته في بلجيكا أمام المحكمة الجنائية في بروكسل، في الثامن عشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وسيمثل أيضا أمام القضاء الفرنسي في ملف تفجيرات نوفمبر 2015.

وعبد السلام موجود حاليا في سجن فرنسي، بينما زميله الآخر في ملف إطلاق النار على رجال الشرطة في بروكسل، ويدعى سفيان عياري، موجود في سجن ببلجيكا.

وقالت وسائل الإعلام في بروكسل، إن صلاح عبد السلام وبشكل غير متوقع، أعرب عن رغبته في حضور جلسات محاكمته في بروكسل، وذلك بعد أن التزم عبد السلام الصمت على مدى عام كامل، ورفض الإجابة عن أسئلة المحققين حول ملابسات ما وقع في الخامس عشر من مارس من العام الماضي، عندما داهمت قوة أمنية مشتركة من عناصر الشرطة البلجيكية والفرنسية مسكنا في بلدية فورست ببروكسل، وكان يختبئ فيه كل من عبد السلام وعياري وشخص ثالث جزائري يدعى محمد بلقايد. وفوجئت عناصر الشرطة بإطلاق النار من داخل الشقة، وجرى تبادل إطلاق النار وانتهى الأمر بمقتل بلقايد، وهروب عبد السلام وعياري، ثم جرى اعتقالهما بعد ثلاثة أيام في مولنبيك ببروكسل، وذلك قبل أيام قليلة من وقوع هجمات بروكسل التي شملت مطار العاصمة، وإحدى محطات القطارات الداخلية، وأسفرت عن مقتل 32 شخصا وإصابة 300.

وكانت بلجيكا قد سلمت عبد السلام إلى باريس في أواخر أبريل (نيسان) من العام الماضي، بناء على مذكرة اعتقال صدرت عن السلطات القضائية الفرنسية في مارس من العام نفسه. وفي أواخر الشهر الماضي تقرر تخفيف الإجراءات المفروضة في السجن على عبد السلام، ورأت السلطات الفرنسية أن تخفيف هذه الإجراءات سيصب في مصلحة التحقيق، وفي الوقت نفسه يمكن بذلك تفادي أي محاولة من جانب عبد السلام للانتحار قبل بدء جلسات محاكمته. حسب ما نشرت وسائل الإعلام البلجيكية، نقلا عن موقع صحيفة «لابريسيان» الفرنسية.

من جهة أخرى وفي نفس الإطار، انعقد قبل أيام قليلة في مدينة مالين (قرب بروكسل) الاجتماع السنوي للمدعين العامين لكل من بلجيكا وفرنسا وإسبانيا والمغرب، بمشاركة وزير العدل البلجيكي كون غينز. وبحث المشاركون كثيرا من الموضوعات المتعلقة بمحاربة الإرهاب؛ خاصة التقدم الحاصل في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية، كما ركزوا على العقبات التي لا تزال تعترض طريق قيام استراتيجية عالمية منسقة للتعامل مع هذا الخطر. وأكد المشاركون على العقبات التي لا تزال تعترض عمل الشرطة والمحققين في بلادهم، حيث: «لا زلنا نواجه عقبات في مجال اعتراض الاتصالات» حسب كلام المدعي العام الفيدرالي في بلجيكا فريديريك فان ليو. وأوضح المسؤول البلجيكي أن جميع المشاركين يتقاسمون القلق تجاه العوائق التي تعترض طريق فك شفرة الرسائل التي يتم تبادلها من قبل المجموعات الإرهابية. وفي الإطار نفسه، أعلن وزير العدل البلجيكي عن نيته تقديم اقتراح للاتحاد الأوروبي لسن تشريع يسمح للقضاة بالعمل فوراً مع إدارات شبكات التواصل الاجتماعي، وتسهيل الوصول إلى المحتويات المطلوبة لتسهيل التحقيقات، إلا أنه توقع أن «يستغرق الأمر وقتاً طويلاً»، على حد قوله.

وتفيد مصادر أمنية مطلعة بأن مستوى التعاون بين الأطراف الأربعة قد شهد تحسناً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، ما أسهم في إحباط كثير من الهجمات على التراب الأوروبي. وكانت تقارير أمنية عالمية قد ذكرت أن الأشهر الماضية من العام الحالي قد شهدت 371 هجوماً إرهابياً منسوباً إلى تنظيم داعش، راح ضحيته 2492 شخصاً.