زياد الدريس

1

تنتخب المنظمة الدولية للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الآن، مديراً عاماً جديداً لها، خلفاً للسيدة البلغارية إرينا بوكوڤا، التي تغادر بعد أن استنفدت دورتيها الانتخابيتين في المدة من ٢٠٠٩- ٢٠١٧.

هل يفوز عربي (لأول مرة) من بين مرشحي: قطر، مصر، لبنان، بعد انسحاب مرشح العراق أمس.

أم يفوز أحد مرشحي: فرنسا، الصين، آذربيجان وفييتنام؟ ويفشل العرب للمرة الرابعة، بعد أن فشلوا عام ١٩٩٩، حين تنافس السعودي غازي القصيبي مع الياباني (الفائز) ماتسورا، وفي عام ٢٠٠٩، حين تنافس المصري فاروق حسني مع البلغارية (الفائزة) إرينا بوكوفا، وفي عام ٢٠١٣، حين تنافس الجيبوتي رشاد فرح مع (الفائزة مجدداً) بوكوفا.

من المهم أن نتذكّر أنه في كل تلك المحاولات الثلاث السابقة، كان هناك عربيٌ آخر يزاحم المرشح العربي في ممرات التصويت الضيقة! (تفاصيل أكثر عن محاولات العرب، في كتابي «معركة اليونسكو»).

الأعراض الانسحابية لما يسمى «الربيع العربي»، ألقت بظلالها بقوة على هذه الدورة من الانتخابات. فقد كنا نأمل أن يتحول العرب من مرشحين اثنين، كما في المحاولات السابقة، إلى مرشح عربي واحد، لكن الذي حصل أننا استيقظنا من (الحلم) وأمامنا أربعة مرشحين عرب، انسحب أحدهم الأسبوع الماضي، وبقي ثلاثة!

 

٢

أكتب هذا المقال بعد أن ظهرت نتائج التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات، مساء أول من أمس الإثنين، وقد حصد مرشحو الدول السبعة المتنافسة الأصوات التالية:

قطر ١٩، فرنسا ١٣، مصر ١١، لبنان ٦، الصين ٥، فييتنام صوتان وآذربيجان صوتان أيضاً.

ولا أعلم عن نتائج الجولة الثانية التي تمت مساء أمس الثلاثاء.

 

٣

والآن، لنحاول تحليل نتائج الجولة الأولى:

بدا واضحاً أثر انقسام العرب وخسارتهم فرصة فوز قريبة جداً، إذ حصد مرشحوهم الثلاثة ما مجموعه ٣٦ صوتاً، أي قرابة ثلثي أصوات الناخبين، ما يعني أن أكثر من نصف المنظمة مهيأ لإعطاء صوته لمرشح عربي لرئاسة المنظمة الدولية، وهي حالة لم تحدث بهذا الحجم في المحاولات الثلاث السابقة. هذا لا يعني بالضرورة أن المرشَّحَين العربيين لو انسحبا لصبّت أصواتهما تلقائياً للمرشح العربي الثالث، لكنه يعني وجود الاستعداد الكبير داخل المنظمة لترئيس عربي لها، وهو ما يتعارض مع ظنون طرفَي: جلد الذات من الذين يظنون بأنه لا يمكن تخويل عربي لرئاستها، وعشاق المؤامرة الذين يظنون بأن الغرب لا يمكن أن يسمح لعربي برئاسة اليونسكو.

قد يبدو للوهلة الأولى أن أوضاع المرشحين القطري والمصرية مطمئنة، في حين تعسرت مهمة المرشحة اللبنانية، وأن انسحابها سيجيّر أصواتها الستة إلى العربيَّين. هذا احتمال وارد، لكن الاحتمال الأقرب هو أن تذهب أصوات اللبنانية بوصف معظمها أصواتاً فرانكوفونية، إلى المرشحة الفرنسية، كما أن الانسحاب المتوقع من المرشح الفييتنامي/ الفرانكوفوني سيجيّر أصواته للفرنسية أيضاً، وبذا ستزداد فرص المرشحة الفرنسية بالفوز، خصوصاً مع توقع أن لديها وعوداً عديدة بالتصويت لها في الجولة الثانية من الانتخاب، وذلك بسبب تأخر الجمهورية الفرنسية في إحاطة الدول بترشيحها، بعد أن أعطت الدول وعودها للمرشحين السابقين بالتصويت لهم من الجولة الأولى.

‏عدد الأصوات الضئيلة للمرشح الصيني هو المفاجأة الأكبر في نتائج الجولة الأولى، ولأنها الصين فقد لا تقبل بالهزيمة والانسحاب بسهولة، وبالتالي سيحصد الصيني إذا استمر صوتي مرشح آذربيجان المتوقع انسحابه بتوجيه من روسيا حليفة الصين، وقد يقضم المرشح الصيني بعض أصوات أفريقيا من المرشحين العربيَّين، وقد لا يكون هذا كافياً لفوز الصيني، لكنه كافٍ لتمهيد الطريق للمرشحة الفرنسية للفوز!

أتحدَّث هنا عن التوقعات، لا عن الأمنيات.