محمد الحمادي 

‏كانت ليلة البارحة صعبة على النظام الإيراني، بل واحدة من أصعب الليالي في تاريخ إيران الحديث، وكذلك على أصدقاء إيران وحلفائها، فقد تم وضع النقاط على الحروف، وأنهى ترامب الجدال الطويل حول موقفه من الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني ‏الذي اعتبره في خطابه التاريخي البارحة «أسوأ اتفاق وقعته الولايات المتحدة الأميركية عبر تاريخها»..

كما أن الشيء الجديد في خطاب ترامب البارحة هو وصفه للخليج بـ «العربي»، وهذا ما أصاب النظام الإيراني، وعلى رأسه الرئيس روحاني بالجنون، فطالب الرئيس ترامب بقراءة التاريخ والجغرافيا، والحقيقة أن تاريخ إيران هو ما يحتاج إلى قراءة، فمنذ الثورة الإيرانية حتى اليوم لم يتوقف هذا النظام عن إثارة الأزمات والحروب، وخلق النزاعات ونشر الفتن الطائفية، ودعم الإرهاب والضلوع في عمليات إرهابية، بل واستضافة العديد من الشخصيات الإرهابية، خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. وعلى ذكر النظام الإيراني للتاريخ، فقد ذكرهم ترامب بأشكال الظلم ضد الطلاب خلال الثورة الخضراء التي يذكرها الجميع، فضلاً عن الدور الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن، ومناطق أخرى من العالم التي سيتذكرها التاريخ دائماً.

لقد كان من الضروري أن يعيد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب النظر في بعض قرارات الإدارة الأميركية السابقة، خصوصاً تلك القرارات التي عليها علامات استفهام وتعجب كثيرة، ومنها الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي كان الرابح الأكبر فيه هو النظام الإيراني، هذا الاتفاق ‏الذي كان يفترض أن يساهم في «عقلنة إيران، وفي تحقيق الأمن والسلام في منطقتنا -حسب ما كان يدعي أوباما دائماً ويطمئن دول المنطقة به- إلا أن إيران استمرت في نهجها، بل وزادت وتمادت في دعم الإرهاب، وخلق الأزمات والتدخل في شؤون الدول المجاورة خصوصاً العربية منها، ولم تتوقف عن تمويل الجماعات الإر‏هابية، ونشر الفوضى في المنطقة، رافضة أن تكون عنصر استقرار فيها.

هذه المرة كان الرئيس الأميركي في غاية الوضوح في خطابه التاريخي ليلة البارحة، فأكد أن حكومة طهران لم تلتزم بتعهداتها في الاتفاق حول برنامجها النووي، وأعلن الاستراتيجية الجديدة التي سيتم على أساسها التعامل مع ملف الاتفاق النووي، وتتكون عناصر هذه الاستراتيجية، من تحييد تأثير نظام إيران ودعمه للإرهاب والمسلحين، وإعادة تنشيط التحالفات الأميركية التقليدية والشراكات الإقليمية، وحرمان النظام الإيراني، ولاسيما الحرس الثوري من تمويل «أنشطته الخبيثة»، ومواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية، وحشد المجتمع الدولي لإدانة «الانتهاكات الجسيمة للحرس الثوري» لحقوق الإنسان، وحرمان النظام الإيراني من المسارات المؤدية إلى سلاح نووي.

بعد هذا الوضع الجديد، أصبح على النظام الإيراني أن يعيد حساباته، ويفكر بمنطق جديد يتواكب ومستجدات المرحلة، ويكون في مصلحته ومصلحة دول المنطقة.