محمد ناصر السنعوسي

 أجمع رموز الفكر والإبداع في الكويت، واتفقت النخبة والمؤسسات الحكومية المعنية المضطلعة بصياغة العقل والوجدان الكويتي، على أن العمل الثقافي سيظل قاصراً بعيداً عن أرض الواقع والتأثير الإيجابي.. ولن يؤتي ثماره المرجوة ما لم تدفعه منظومة عمل جديدة تتوحد فيها جهود الأطراف المسؤولة عن تشكيل الوعي والوجدان والحفاظ على الذاكرة الوطنية في الكويت، كما أجمعوا على أهمية ركنين عند الحكومة يجب أن تكون لهما الاولوية عند رئيس الوزراء، هما الاقتصاد والثقافة.

على أن العمل الثقافي يجب أن يستفيد من تعدد المؤسسات: وهي مركز الشيخ جابر الثقافي – المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – المكتبة الوطنية، وقريباً مركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي. ونؤكد أن الثقافة ستبقى معزولة ما دامت غير قادرة على الوصول إلى الجماهير العريضة. وأن فلسفة المرحلة القادمة هي تضافر الجهود والتنسيق الكامل بين هذه المؤسسات الوطنية، ولا بد من التعاون مع وزارات الإعلام والتعليم والأوقاف، وهي الوزارات المعنية بنشر التنوير، وهنا نقول كلمة تميز وانفراد لمركز الشيخ جابر الثقافي في استراتيجيته بأن الثقافة خدمة وليست سلعة. ولا بد للمجلس الوطني من أن تكون غايته تصنيع بل واستثمار ثقافي. فلو قلنا الثقافة خدمة لفقدنا جزءاً مهماً جداً من آلية العمل الثقافي. وأكثر ما يشغلهم هو توفير البنية الأساسية للثقافه فيه.. أو الآلة الحقيقية التي تدفع العمل الثقافي «أنا لا أرى أن دور للمجلس تم تهميشه، وإنما قد ترجع أزمته إلى ظروف نابعة من أوضاع مادية خاصة. وكان جهات مثل لجنة الميزانيات في مجلس الأمة تتربص لميزانية المجلس وتهمش بشكل مقصود، خاصة الفنون والثقافة، وهي الوجه الحقيقي للكويت، وعندما تذهب قوة الفنون والثقافة تذهب قوة الدولة.. وبس».
ان التهميش يطول الثقافة كلها والفن جزء منها، وهذا ليس بطريقة عشوائية، ولكنه مقصود لأن الثقافة هي أحد المنابع الأساسية لتكوين الضمير والحس الوطني والرأي العام، فإذا قتل الضمير الوطني وجفت منابعه أو قتل الإحساس بالقضايا الوطنية استطاعت القوى ذات السيطرة تنفيذ مخطط يقصي الفن الجاد وينشر الفن الهابط الذي يفسد الذوق العام ويضر بقضايا الوطن، ويشغل الأجيال الجديدة عن التفكير فيها وتقرر أنه ليس في الامكان أبدع مما كان.