مشاري الذايدي

كل صناع الحالة الإعلامية يبحثون عن جلب المشاهدين والمستمعين والقراء، وفي حالة السوشيال ميديا، كل هؤلاء، على صيغة «فولورز».

الكل يصارع الكل، والكل في لهاث قاتل من أجل ألا يسبقه الآخرون، ومن هنا نفهم حالات «الانفلات» والغرائبيات التي تفعلها بعض البرامج، برامج «التوك شو» والنمائم الفضائية.

لم يعد الصراخ، وتحدي المسؤول أو الوزير أو حتى الولايات المتحدة نفسها! يكفي لصنع الإثارة وجذب المشاهدات، فصار تحويل الاستوديو نفسه إلى حلبة «سيرك» ومسرح الغرائب، من الطرق التي تجلب بها الإثارة.

في مصر، مثلا، شهدنا خلال مدة وجيزة، تكاثر هذه المشاهد والغرائب، ومنها، حسب رصد الصحافي المصري أشرف عبد الحميد، في «العربية نت» الحالات التالية:

* إيقاف المذيعة المصرية مروج إبراهيم بسبب إساءتها لضيفها الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ بجامعة حلوان، وإنهاء الحلقة رغما عنه، هو الأول في مصر.

* قبل أسابيع قليلة قرر المجلس الوطني لتنظيم الإعلام في مصر، إيقاف المذيعة شيماء جمال لكونها تعاطت المخدرات على الهواء مباشرة.

* خرجت مذيعة في برنامجها على فضائية «النهار» وهي ترتدي ملابس حمل غير لائقة، وظهرت «وكأنها حامل» وقدمت الحلقة بعنوان «اشتري راجل»، وشرحت كيفية أن تكون الفتاة أما عزباء لو أرادت. لذا قررت نقابة الإعلاميين إيقاف المذيعة نظرا لتجاوزها قيم المجتمع.

* سبتمبر (أيلول) الماضي قرر مجلس نقابة الإعلاميين في مصر وقف المذيع أحمد عبدون مقدم برنامج «عم يتساءلون» على فضائية «إل تي سي» بسبب استضافته الدكتور صبري عبد الرؤوف صاحب فتوى نكاح الزوجة المتوفاة.

* يوليو (تموز) الماضي، مذيعة استضافت سيدة متزوجة وعشيقها على الهواء مباشرة في برنامجها «صبايا الخير» على فضائية «النهار»، وقامت الزوجة بعرض قصة خيانتها لزوجها مع الشاب، واعترفت أنها حملت منه. وعوقبت المذيعة أيضا.

المشكلة ليست محصورة بمصر، ولا بالفضائيات فقط، لدينا اليوم كثير من نجوم، ونجمات، «السنابشات»، و«إنستغرام»، وطبعا «يوتيوب» و«تويتر»، كل يوم يرفعون سقف الإثارة والبهارات و«الهبل» لجلب المزيد من المتابعات والمشاهدات و«اللايكات».
هذا سباق مجنون نحو الهاوية، وحلقة قاتلة بين المرسل والمرسل إليه وما بينهما من وسائط.

في عالم الفضائيات والصحف، يمكن ضبط «بعض» الأمور، من قبل السلطات حتى لو رغب ملاك الفضائيات، لأجل جذب المشاهدين، في اجتياز الخطوط الحمراء. لكن ماذا عن الآلاف من منصات السوشيال ميديا؟ من يضبط هذا الجنون؟ وكيف يلجم مرضى الشهرة وتجار الشنطة الجدد على الإنترنت من مهاويس الشهرة والإعلانات؟

عالم بلا قانون، معسكر للمجانين وفاقدي الإحساس.