أحمد بودستور 

قال أبو العلاء المعري :
إذا عفوت عن الإنسان سيئة
فلا تروعه تأنينا وتقريعا

المهاتما غاندي له عبارة تقول (نحن لانعادي الأشخاص بل أخطاءهم) والتسامح هو ثقافة مجتمع لكن الحكومة لها دور كبير في تكريس هذه المفاهيم والقيم وهو ما قام به نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد عندما أجرى تعديلا وزاريا استحدث فيها ثلاث وزارات وهي التسامح والذكاء الاصطناعي والعلوم المتقدمة وطبعا أغلب الوزراء من الشباب وأيضا الشابات فهناك وزراء ووزيرات شباب وما حدث هو تجديد الدماء في الحكومة .

عندنا في الكويت التعديل الوزاري لايكون لاستحداث وزارات أو إفساح المجال للشباب وتمكين المرأة ولكن عادة مايكون التعديل للهروب من استجوابات وإجراء تدوير وزاري لتنفيس الاحتقان بين الحكومة ومجلس الأمة فهناك عدة استجوابات سوف تقدم في جلسة افتتاح دور الانعقاد القادم ولهذا هناك احتمال كبير أن يكون هناك تعديل وزاري لنزع فتيل الاستجوابات.

تم استحداث وزارة التسامح في دولة الإمارات بهدف أن يكون هناك مجتمع متسامح تختفي منه المشاكل والجرائم وخطاب الكراهية بين الأفراد والتيارات والجنسيات المختلفة فهناك تقريبا كل الجنسيات والديانات تتعايش في الإمارات بطريقة مبنية على الاحترام وقبول الرأي والرأي الآخر وهناك تطبيق للحديث الشريف (لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى) ولهذا لا ينشغل المجتمع بتوافه الأمور مثل التعصب العنصري ولكن الكل يعمل في خدمة البلد سواء مواطن أو مقيم فالكل سواسية أمام القانون الذي يطبق على الجميع بدون واسطة أو استثناء.

النائب د. وليد الطبطبائي يطالب بمنع سفر الوافدين بالقطاع الخاص والخدم إلا بإذن مسبق من الكفيل وهيئة القوى العاملة ووزارة الداخلية وطبعا هذا الاقتراح مثل غيره من القوانين والاقتراحات تهدف إلى التشدد والتضييق على الوافدين بما فيهم الخدم وكأن لا يكفي فرض رسوم ما أنزل الله بها من سلطان وطبعا لو كانت لدينا وزارة التسامح لايمكن أن يكون اقتراح على هذا المنوال بل تكون هناك إجراءات لتسهيل السفر وليس منع السفر الذي لم يسلم منه حتى المواطنون الذين لديهم التزامات مالية تعثروا في سدادها.

الجدير بالذكر أن هناك أكثر من 100 ألف حكم منع سفر تشمل مواطنين ومقيمين وبعض هؤلاء مديونيتهم قد لاتزيد عن 100 دينار بل أن هناك من تم منعه من السفر بسبب دينار واحد فأي تشدد هذا في التعامل مع البشر وفي الإمارات القضايا المالية يتم تسويتها في المخفر ولاتصل للمحاكم خاصة المبالغ الصغيرة ويتعهد المدين بتقسيط المبلغ للدائن بدون تشدد ومنع سفر .

اليوم إذا مواطن أو مقيم يريد أن يسدد ماعليه من مخالفات أو فواتير بدوخ السبع دوخات بسبب الروتين و البيروقراطية والتشدد في الإجراءات وفي الإمارات يتم إجراء كل المعاملات عن طريق الموبايل فهناك تساهل وتسامح في الإجراءات وليس تشدد .

في الإمارات تم استحداث وزارة للسعادة وتهدف إلى تسهيل تقديم الخدمات إلى المواطن أو المقيم فلا يشعر بالإحباط والكآبة ولكن يشعر بالارتياح والسعادة ونحن عندنا للأسف وزارات للتعاسة فمثلا وزارة الأشغال حولت الشوارع والطرق إلى مطبات وحفريات والحصى المتطاير الذي تسبب في خسائر كبيرة لسائقي السيارات لتصليح الزجاج أو الإطارات والحكومة رافعة الجام وكأن الأمر لايعنيها.

هناك في الإمارات لديهم مبادرات لتثقيف وتنشيط المجتمع مثل مبادرة تحدي القراءة ومبادرة تحدي اللياقة وهي أن يمارس الجميع الرياضة فيكون هناك شعور بارتياح وأيضا يكون هناك إنتاج وإنجاز في العمل فهي مبادرات تشجع على الثقافة والرياضة وهذه طبعا لها علاقة بالتسامح وهي منظومة متكاملة استطاعت الإمارات أن تطور نفسها فالتطور عندها ليس في التكنولوجيا فقط ولكن في العنصر البشري الذي هو الثروة الحقيقية لبناء مجتمع متسامح.

نأمل أن يكون لدى الحكومة الكويتية رؤية واضحة للمستقبل تتمثل في تجديد دماء الحكومة بوزراء شباب وتمكين وإشراك المرأة في الوزارة واستحداث وزارات غير تقليدية مثل وزارة الذكاء الاصطناعي والعلوم المتقدمة والسعادة والتسامح ولو أن دستور الكويت لا يسمح بذلك لأنه دستور فيه تشدد وغير مرن ويحتاج إلى تعديل ولذلك نعتقد أن الكويت سوف تبقى في مكانها إن لم تزداد تخلفا بسبب دستور جامد ومجلس يسيطر عليه الفكر العنصري المتشدد وحكومة بدون رؤية تسير على البركة ولاشك نحن بحاجة إلى معجزة للتغيير وقد ولى زمن المعجزات .

أحمد بودستور