جمال زهران

أحداث الإرهاب التى وقعت فى الكيلو 135 ـ طريق الواحات البحرية، وظهيرها الصحراوى الواسع، ذات طبيعة خاصة ونوعية مختلفة وعلى قدر عال من التحضير، ويمتلك صانعوها أحدث وسائل التكنولوجيا فى الاتصال، وهى إما مهربة عبر الصحراء الغربية، أو عبر المنافذ بتواطؤ المجرمين أصحاب الضمائر الميتة والنفوس الضعيفة وهم جزء من الطابور الخامس الذى يدعم الإرهاب وفاعليه ومخططيه. وقد راح ضحية هذا الإرهاب (16) شهيدًا من الضباط ومساعديهم، وفى المقابل قتل وأصيب (15) من الإرهابيين. وليست القضية فى الأعداد ذاتها، ولكن الأمر يتعلق بفجوة الوقت، الأمر الذى أتاح للإرهابيين أن يسارعوا بتغذية الإعلام الخارجى بعدد القتلى (الشهداء) من رجال الشرطة، والذى كان يتزايد تدريجيًا حتى وصل صباح اليوم التالى ــ وسط غياب إعلام رسمى أو إعلام وزارة الداخلية إلى أكثر من (50) شهيدًا من الضباط، بل القضاء التام على الفرقة الأمنية بالكامل والتى كانت مكلفة بمواجهة الإرهابيين والقضاء عليهم!!. 

فالمصريون الحقيقيون والوطنيون الغيورون على بلدهم مصر، يدركون أن ضباط الجيش والشرطة وكل العاملين فى هاتين المؤسستين، هم من رأس مال الوطن والشعب وبالتالى فإن فقدان مجرد ضابط واحد أو رقيب أو مدنى فى هاتين المؤسستين، هو فقدان لجزء من رأسمال الوطن بل وتآكله أيضًا. ولذلك فإن الذين يكتبون ويذيعون بدم بارد عن هذه الأحداث بطريقة توحى بالشماتة، فهؤلاء مأجورون حقًا، يتحركون لصالح أجندات أجنبية مدفوعة الأجر. فمن منا لا يحزن على فقدان رأسماله أو جزء منه؟! وبالتالى ألا نحزن على فقدان عدد من ضباطنا ومساعديهم فى معركة ضد الإرهاب، واضحة المعالم؟ بالطبع لابد أن نحزن حقيقة، لفقدان أبنائنا وإخوتنا. 

إلا أن هذه الأحداث يجب ألا تغض بصرنا عن أخطاء كبيرة قد حدثت ولابد من إلقاء الضوء عليها ليس للتبكيت أو غير ذلك، لكن للتعلم والاستفادة مما حدث، ويمكن رصد ما يلي:ـ 

1- تأخر إعلام وزارة الداخلية، عن شرح ما حدث وبسرعة، خلق ما أشرت إليه بـ «فجوة الوقت» الأمر الذى ساعد على تمكن الإرهابيين من إذاعة ما يحلو لهم، مما أحدث بلبلة شديدة فى الشارع، وهو الأمر الذى يجب استدراكه فيما بعد، حال لو تكررت مثل هذه الأعمال الإرهابية، ونأمل ألا تتكرر من الأصل. 

2- فشل الإعلام الرسمى العام والإعلام الخاص فى تغطية ما حدث وإعلام الناس بالحقيقة، بل أن الأسوأ ما حدث من قيام إحدى الفضائيات المملوكة لأحد رجال الأعمال، حيث قام أحد المذيعين فيها، بإذاعة مكالمة خطيرة، ليسهم فى تضخيم ما حدث، وعلى عكس ما شرحته الداخلية فى بياناتها، وإظهار قوة الإرهابيين وقدراتهم على التواصل وسط أزماتهم، الأمر الذى يعاقب عليه القانون، من بينها إذاعة وإشاعة أخبار كاذبة، فهل من وقفة حاسمة مع هذا الإعلام المضاد للدولة والشعب؟! 

3_غياب المشاركة المجتمعية فى المواجهة مع الإرهاب، وكثيرًا ما طالبت السيد وزير الداخلية بعمل لقاءات مع شخصيات حزبية وعامة لإطلاعهم على ما يحدث ومناقشتهم فيما يجري، ربما يؤدى هذا إلى دعم المشاركة المجتمعية فى مواجهة الإرهاب، تفاديًا لعدم قصر الأمر على المواجهة الأمنية فقط. 

وقد تحدثنا كثيرًا فى مقالات عديدة من قبل حول المواجهة الشاملة لظاهرة الإرهاب ( فى التعليم والثقافة والإعلام، وغيرها من مجالات)، إلا أن الأمر مازال غائبًا، وليست هناك مواجهة استراتيجية تفرض التنسيق والعمل المشترك وعلى أرضية واحدة، مازلنا بعيدين عن الهدف، ويكفى القول إن من تستضيفهم وسائل الإعلام الرسمية، للحديث عن الإرهاب، نادرًا ما يفهم أغلبهم فى هذا الموضوع، وهو أمر مؤسف. 

وختامًا: أقول إن الإرهاب على خلفية ما حدث فى «الواحات» أخيرا، تستلزم الشفافية ومعرفة الشعب كل ما يحدث أولاً بأول، وتفادى فجوة الوقت، التى تعطى الفرصة لسموم الشائعات، كما تستلزم الحسم، وكفى استمرار الإرهابيين من جماعة الإخوان فى السجون دون إعدام!!