يعقوب يوسف العمر

نعم، العالم العربي في هذه الحقبة من الزمن يعيش في حالة وهن وضعف شديدين، ومن خلال هذه الحالة المتردية يخرج من رحمها أبطال يسطرون في أمتنا العربية ملاحم وبطولات، والأمثلة على ذلك كثيرة جدّاً، فعلى سبيل المثال لا الحصر: صلاح الدين الأيوبي حرّر بيت المقدس بعد 88 عاماً من الاحتلال الصليبي، وذلك في ظل وهن عربي وإسلامي كبير. وفي زمن آخر، ظهر عمر المختار بطلاً في ليبيا، وكذلك ظهر عبدالقادر الحسيني بطلاً في فلسطين وغيرهم كثيرون جدّاً، واليوم ظهر لنا السيد مرزوق الغانم ونحن نعيش في ظل هذا الوهن واليأس، علماً بأن مرزوق سبق له ان حمل السلاح زمن الاحتلال الصدامي للكويت، لقد كان بطلاً بالسلاح، واليوم هو بطل بالكلمة.. وبالكلمة ذلك المشهد الذي رأيناه حينما طرد المندوب الاسرائيلي من قاعة المؤتمر الدولي للبرلمانيين، حيث سمعه كلاماً لم يسمعه من عربي طوال حياته. لقد أشاد بما حدث الجميع ما عدا الذين نزعوا ثوب العروبة من اجسادهم، وتلك الصفعة الكلامية لمندوبهم لن ينساها الإسرائيليون أبداً، لانها اول صفعة عربية في ظل وجودهم، احياناً الكلمة تكون مؤثرة كسلاح اذا جاءت في مكانها.

بالماضي انتصر غاندي في الهند على الانكليز بالكلمة، وانتصر مصطفى كامل على الانكليز في مصر، وذلك بالكلمة.. فالكلمة احيانا تكون منطلقة كالسلاح الناري تصيب القلب، لو تضافرت الجهود العربية وعرّينا اسرائيل في المحافل الدولية لانتصرنا عليها اعلامياً امام العالم، وهذا اضعف الايمان، ولكن هذا لم يحصل.
إن اسرائيل تقتل الاطفال وتغتصب الأراضي وتبني المستعمرات في الاراضي العربية المحتلة ولا تحترم القرارات الدولية ولا تطبقها، ومن المتناقضات انها لا تمانع ان يكون هناك وطن للأكراد وتمنع هذا الحق عن الفلسطينيين، حيث ان هذا الحق أقرته القرارات الدولية والعالم أجمع، وبعد كل هذا يعتبرها البعض دولة صديقة ويعتبرون العدو الوحيد للعرب هو ايران.
نعم، ان ايران تتدخل في شؤون المنطقة، اما اسرائيل فعدوة منذ الازل، ايران لم تكن عدوة عندما كان الشاه في الحكم، وانه ليس من المستحيل ان يأتي يوم وتتغير المعادلة في ايران، اما اسرائيل فهي عدوة منذ زمن طويل: زمن هرتزل، وبن غورين، وغولدا مائير، وشارون، والذي يأتي بعد نتانياهو سوف يسير على الطريق نفسه، فالجميع سياستهم ضدنا واحدة لا تتغير هي التوسّع وكره العرب، ونحن بالكويت نشك في ان اسرائيل سوف تغيّر سياستها نحو العرب. وان سياسة الكويت نحو القضايا ثابتة لا تتغير.
وإني أتذكر ونحن في المدرسة نردد في الطابور الصباحي هذه الجملة: تعيش الكويت، وتحيا الأمة العربية، ولا ننسى الاستقطاعات من المبالغ التي تأخذ من المواطنين، كانت تؤخذ للثورة الجزائرية، وذلك منذ سنوات طويلة هذه الكويت منذ الازل لم تغيّر سياستها العربية نحو اخوانها العرب، وسوف تظل هكذا، وهذه السياسة تبنّاها حكام آل الصباح الكرام منذ القدم، وما زال أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد – حفظه الله ورعاه – يسير على هذا النهج والشعب الكويتي من خلفه يؤازره.
وأخيراً، أقول بكل أسف نجد بعض الأقلام تناولت هذه الشجاعة بطريقة مختلفة، وليس بالمدح كأنها أقلام لكتّاب إسرائيليين، وهذا ما يحزّ في النفس!