أحمد الجميعـة

الدبلوماسية الناعمة أو الخشنة أو الذكية اليوم لم تعد فناً للإقناع بدون استخدام القوة، ولكنها تحولت بفعل التقنية إلى فن الاتصال بين الجماهير، وقدرتها في التأثير على الحكومات، وتشكيل الرأي العام الافتراضي في شبكات التواصل الاجتماعي، وإبراز فاعلين جدد على المشهد من دون أن يكون للنخب وقادة الرأي أولوية الحضور والتأثير لوحدهم.

لقد أسقطت الدبلوماسية الرقمية كثيراً من الأفكار والسلوكيات التي لم تعد ممكنة أن تبقى في زمن مختلف، وتحولت إلى لغة ناطقة بلغات عدة لتقول الحقيقة ولو كانت متأخرة، وتستنجد بالوعي ليمنحها مدد الحضور أمام المستقبل، وتفصح عن كل التفاصيل حتى وإن كانت صادمة أو مؤلمة.

المجتمع السعودي يقود الدبلوماسية الرقمية في شبكات التواصل الاجتماعي بوعي وثقة وتفاؤل، ويعبّر عنها بصوت وطني غير مأزوم أو مرتبك، ويراهن على مستقبله مع قيادته التي يثق بقرارتها، ويدعمها، ويتجاوب معها، ويخرج إلى مكانه اللائق به بعيداً عن أي مزايدات أو مساومات، أو مفاهيم منغلقة معزولة عن محيطه.

التجاوب الشعبي مع قرارات الدولة ومؤسستها نراه في شبكات التواصل الاجتماعي مؤشراً على الرضا، والاحتفاء، والمشاركة، واللغة التي يعبّر عنها في كل ذلك وطنية مخلصة؛ فلا مكان لأجندات حركية، أو توجهات إخوانية، أو أفكار متطرفة، وإنما الجميع يتحدث باسم الوطن.

الدبلوماسية الرقمية للسعوديين نجحت بامتياز في نقل أهم رسالة للآخر تجاه وطن يتحول ويتغيّر للأفضل، وكان الصدى الخارجي كافياً للتدليل على أن هناك سعودية جديدة تتشكّل بإرادة سياسية وطموح شعبي لا حدود له.

العالم اليوم يتحدث عن السعودية على أكثر من صعيد، ووسائل الإعلام الدولية ترصد وتتابع وتنقل وتوثّق ما يجري، وتمنحها أولويات الحضور في نشراتها وأخبارها، وتسابق الزمن في ملاحقة قراراتها، وتعلّق عليها، وتقف أمامها باحترام، وكل ذلك لأن الفعل السياسي كان مبادراً، واثقاً، قادراً على التغيير بلا ضجيج.

دبلوماسية السعوديين الرقمية أصبحت مؤثرة، وصانعة قرار، ومنسجمة مع قيادتها في التعبير عن كل ما هو مختلف، ومتكاملة معها في أهم مشروع نهضوي بعد توحيد البلاد، حيث أثبتت المواقف والأحداث والقرارات أن الشعب السعودي مصدر إلهام قيادته، ويدفعها إلى المضي بثبات وعزيمة لاستعادة حضوره، والتوق إلى المستقبل الذي يعيش فيه على طبيعته التي سُلبت منه يوماً بفعل صحوة فئة على حساب المجموع.

الدبلوماسية الرقمية كشفت أن الأكثرية المطلقة من الشعب مع مشروع التغيير، والانفتاح، والتنوير؛ فلا مكان للتناقض بين السر والعلن، ولا عزاء لمن أراد أن يتركنا تحت عباءة فكره؛ ليكون وحده مرجعية التفكير نيابة عنّا.

الأمير محمد بن سلمان عنوان الدبلوماسية الرقمية للشعب، ومصدر إلهام فريد منحنا فرصة الحضور، والمشاركة؛ لنقول:"شكراً أيها القائد العظيم".