جاسر عبدالعزيز الجاسر

يعي جميع الخليجيين أن من أهم أسباب إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية مواجهة أجندات الأطماع الإيرانية التي تكشفت وتضاعفت بعد استيلاء ملالي إيران على السلطة، فقد تبنى الملالي نهج تصدير الفوضى إلى الدول المجاورة وبالذات دول الخليج العربية، ووضعوا أجندات ومخططات تستهدف السيطرة على دول الخليج العربية من خلال توظيف الفتن الطائفية ونشر الإرهاب، اعتماداً على عملاء ومليشيات طائفية وأحزاب أنشأتها إيران وظلت ترعاها عبر شخصيات من أصول إيرانية ذات مرجعيات طائفية. وأمام هذه المخططات التي وضحت للجميع، وكإجراء وقائي، تنادت قيادات دول الخليج العربية للدفاع عن هويتها العربية وكياناتها الوطنية إلى تشكيل جبهة خليجية عربية لمواجهة التدخلات والعدوان الذي يمارسه ملالي إيران، فكان التفكير جدياً في إنشاء كيان إقليمي عربي يكون نواة أو بذرة لإقامة إقليم خليجي متوحد، وهو ما سعى إليه الآباء المؤسسون لمجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي أُعلن في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في 25 مايو 1981م، واختيرت أبوظبي كونها عاصمة «الاتحاد الخليجي المصغر»، فدولة الإمارات المتحدة النموذج الذي أُريد أن يكون عليه مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلا أن ملالي إيران الذين عجزوا عن اعتراض طريق الإرادة الخليجية ومنع إنشاء وإعلان مجلس التعاون لإصرار وقوة عزيمة وإرادة المؤسسين الأوائل وبالذات الملك فهد بن عبدالعزيز وقبله الملك خالد بن عبدالعزيز والشيخ زايد بن سلطان والشيخ جابر الأحمد الصباح، الذين عززوا ودعموا مجلس التعاون وكانوا يسعون إلى أن يكون أكثر تماسكاً وأن يكون كياناً «كونفدرالياً» وصولاً إلى الدمج عبر التحول إلى «الفيدرالية»، إلا أن ملالي إيران وعبر ضغوط على بعض الدول استطاعوا أن يحدوا كثيراً من طموح الآباء المؤسسين، وأن يقلصوا كثيراً من آمال أهل الخليج بتضمين النظام الأساسي للمجلس تحفظات أضعفت كثيراً من تماسك دول مجلس التعاون، وأتاحت المجال فيما بعد لمن أدمن التبعية والعمالة بأن يعرقل الكثير من أعمال المجلس، بل ويتحول إلى أداة هدم أضعفت المجلس كثيراً فضلاً عن عرقلة خطوات التقارب والاندماج وتحويل المجلس إلى كيان إطاري أشبه بديكور. وقد ظهر الكثير من الملاحظات والتوجسات لدى قادة دول الخليج العربي ومواطنيه بعد استشعارهم الدور المشبوه لقطر فيشق الصف الداخلي والتحريض والمساس بسيادتها، من خلال العمل كوكيل تابع لقوى إقليمية ودولية تعمل ضد مصلحة أهل الخليج، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار وإشاعة الفوضى والفتن الطائفية. والأخطر من كل هذا التنسيق والعمل مع النظام الإيراني لتنفيذ مخططاته وأجندته بحيث أصبح ممثلاً لملالي إيران وعيناً وأذناً لهم يتكفل بنقل كل ما يجري في المجلس من الاجتماعات الوزارية حتى اجتماعات القمة، مما جعل من وجود قطر في كل الاجتماعات ليس تمثيلاً يعرقل خطوات التكامل ويجمدها باتخاذ مواقف التحفظ أو حتى المعارضة، بل وجود «استخباراتي» يتعاون مع العدو الأساسي الذي أنشئ مجلس التعاون لمواجهته، ولم يتردد النظام القطري من دعوة رئيس جمهورية إيران للمشاركة في القمة الخليجية التي عقدت في الدوحة، محاولاً مدَّ تبعيته لملالي إيران إلى باقي دول مجلس التعاون.

كل هذه الأفعال والأعمال المرصودة والمحددة يجعل من وجود النظام القطري في أي اجتماع لمجلس التعاون خطراً يهدد أمن وسلامة دول الخليج جميعاً، فضلاً عن مستقبل المجلس، وهو ما يتطلب البحث جدِّياً عن ضرورة تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون، أو إخراج نظام قطر من هذا التنظيم الذي يهدف إلى خير أهل الخليج وليس التآمر عليهم.