عبدالمحسن يوسف جمال

 تمرّ الدول والجماعات بحالات متعدّدة من القوة والضعف، وتواجه متطلبات الحياة بالتغلّب تارة وبالانكسار أخرى، الا ان هناك حالات تمر عليها لا تستطيع إلا بالإذعان للأمر الواقع الذي تعيشه.
فهناك دول كبرى تحاول فرض هيمنتها على الواقع السياسي العالمي، وهناك دول اقليمية تعمل جاهدة على الحصول على مكاسب جديدة، في حين هناك دول ليس لها الا الاستسلام لما تراه امام الواقع الذي تعيشه والصراعات التي تتفاعل حولها.

في هذه الحالة لا بد أن ينعكس الأمر على الواقع المحلي لهذه الدول، حيث تنتهز بعض القوى المحلية هذا الواقع المعاش لتفرض أجندتها على حكوماتها وتمرر أولوياتها.
وفي حالة الضعف الذي يصيب هذا الواقع تبرز قوى محلية، من خلال مراكز القرار او القوة لتتنمر على الآخرين، وتحاول ان تفرض سيطرتها وتفرض مصالحها.
وواقع مجلس الأمة الكويتي اليوم يمر بهذه الحالة، حيث استطاعت القوى السياسية والتي هُمّشت في الفترة السابقة اظهار قوتها، بعد ان استشعرت ضعفا في الاداء الحكومي واستسلاما غير مسبوق، فاستخدمت ادواتها الرقابية للانقضاض بقوة على الحكومة وستواصل ذلك في المستقبل المنظور ولن يثنيها عن ذلك تغيير حكومي او تبدل الوزراء اذا ما استمر المنهج المتردد في الاداء.
وستجبَر الحكومة على التراجع في قرارات اتخذتها سابقاً، وسيصبح بعض اعضاء مجلس الامة أكثر تأثيراً من وزرائها.
فتصريح احد النواب هو الذي يوجه الوزراء لاتخاذ مواقف معيّنة تجاه بعض القضايا ويجعلهم يتشدّدون مع مجاميع شعبية اخرى، خوفا من تعرّضهم للاستجواب، ومن ثم اقالتهم من الحكومة، وإنهاء مسارهم السياسي.
ولعل اصدار القرارات ونقضها في السنة نفسها هما احدى سمات التردد الذي تعيشه السلطة التنفيذية نتيجة الخوف من «تصريحات» بعض النواب.
اما الطريف فهو تخلّي الحكومة عن النواب المؤيدين لها، لدرجة احراجهم على المستوى الشعبي، وكأنها توجّه رسالة للجميع انها لا تخشى الا النائب الذي يستخدم ادواته المحاسبية من دون تردد.
هذا الواقع اذا استمر فسيجعل لمجلس الامة دورا رقابيا يهمّش السلطة التنفيذية ويديرها، من خلال فرض الامر الواقع، وهو أمر نجح فيه حتى الآن.