محمد الحمادي 

قبل عامين، وضع الحوثيون منصات صواريخهم الإيرانية على الحدود السعودية واستعدوا لإطلاق تلك الصواريخ صوب مدن المملكة، بعد ذلك بأشهر قليلة انطلقت «عاصفة الحزم وإعادة الأمل»، عندما تبين أن الحوثيين ومليشيات الانقلاب لا يريدون فقط السلطة التي استولوا عليها بالإرهاب وبالقوة في اليمن، ولكنهم يريدون العبث بالمنطقة بأسرها، وإحداث التخريب في دولها بالتواطؤ مع النظام الإيراني، لذا تحركت دول عربية بقيادة المملكة العربية السعودية لإنقاذ اليمن بعد مطالبات من الحكومة الشرعية.

إيران تنكر تورطها في اليمن، ولكن بالأمس هللت الصحافة الإيرانية، وتغنت بالصاروخ الذي أطلقه الحوثيون من اليمن على مدينة الرياض، ونجحت القوات السعودية في صده دون أن يحدث أي أضرار، وبدل ذلك الاحتفال بهذا العدوان السافر، كان على طهران أن تخجل قليلاً، وأن تستر عوراتها، فما تفعله من خلال صبيانها في المنطقة لا يرقى إلى مستوى تصرفات الدول المسؤولة، فالاحتفاء بسقوط صاروخ على عاصمة عربية ودولة مسلمة تضم الحرمين الشريفين لا يليق بنظام يطلق على نفسه «نظاماً إسلامياً»، فبدل الاحتفاء والفرح بهذه الخطوة العدائية والمتهورة من الحوثيين كان يفترض أن تندد حكومة طهران بهذا التصرف الأرعن من صبيانها في اليمن، وأن تمنعهم من القيام بمثل هذه التصرفات التي سيكون ثمنها غالياً جداً.

كما كان على طهران ألا تسمح لصحافتها بأن تهدد جيرانها من خلال ما كتبته صحيفة كيهان في عنوانها الرئيس بالأمس، وبالخط العريض، «إطلاق صواريخ أنصار الله باتجاه الرياض، والهدف التالي هو دبي»، والجميع يعرف أن هذه الصحيفة مقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي، ويرأس تحريرها حسين شريعت مداري... فهذا تهديد صريح ومباشر لدولة الإمارات لا يمكن القبول به، ويجب مساءلة طهران عن هذا التهديد، فضلاً عن احتفائها بسقوط صاروخ على عاصمة خليجية!

غريب جداً أن تحتفي إيران التي تدعي أنها لا علاقة لها بما يحدث في اليمن، وتنكر دعمها للحوثيين، بهذه الجريمة بدلاً من أن تدينها، بل وتهدد دولة أخرى هي الإمارات بأنها التالية في الاستهداف!

ما حدث يؤكد إصرار إيران على عدم التعاون في استقرار المنطقة، الأمر الذي يضع دول الخليج أمام حقيقة حتمية، وهي أن مواجهة الخطر الإيراني لم تعد ترفاً سياسياً، ولا «وجهة نظر»، وإنما ضرورة حتمية لحماية شعوب ودول المنطقة من خراب سيدفع ثمنه الجميع.