أمجد المنيف

حتى اليوم، والغد، وبعد ذلك، والحديث الأول في العالم - على كافة المستويات - يتمحور حول السعودية الجديدة غالباً، التي تغيرت أسرع مما كانوا يتصورون، ولم تكن ترغب بتصحيح اقتصادي وحسب، وإنما إصلاح جذري، يشتمل كل شيء، ويلغي مفردة الفساد من قواميس الحراك التنموي، وأذهان اللصوص.

ما حدث في الرابع من نوفمبر ليس شيئاً عابراً، ولا يمكن التعليق عليه مرة أو مرتين ثم المرور، لأنه بداية جديدة لمنهجية مختلفة، توجب مناقشتها باستمرار، من جميع الجوانب، وتقييم التجربة، والمساهمة في نجاحها، وتحديداً من قبل الإعلام، الذي يجب أن يحدث ثورته الخاصة به، ويعود سلطة رابعة كما يجب، ويتخلى على لغته الناعمة.

لو كنت رئيساً للتحرير، لهذه الصحيفة أو غيرها، لأوجدت قسماً خاصاً، تحت اسم: «رؤية السعودية 2030»، أو «الإصلاحات السعودية»، أو «911» أو أي اسم آخر، مهمة المنتمين لهذا القسم أن يكونوا بارعين في الصحافة، والاستقصاء على وجه التحديد، وقراءة المستجدات والمتغيرات والتفاعل معها، والتواصل مع الناس والتكامل معهم. والهدف منه أمران: متابعة مشروعات الرؤية، وكشف الفساد.

معظم المؤسسات الإعلامية تعاني من بعض التراجعات، وهذه حال لا تتعلق بمؤسساتنا وحسب، وإنما في كل العالم، بل إنه أمر لحق بقطاعات أخرى كالاتصالات والبنوك والطيران وغيرها، وهذا ليس مغيباً أو جديداً، وإنما جزء من تأثيرات التقنية، ولا يمكن مجابهتها، أو رفضها، والحل يكمن في التمدد معها والاستجابة لها بذكاء.. في الوقت نفسه، تظل قوة المحتوى هي الفيصل، هكذا يقول معظم الخبراء وأؤمن أيضاً، لذلك لدى الصحف فرصة كبيرة لبناء محتوى قوي وعميق، قائم على المعلومة والتحليل والاستقصاء، وهذا يحتاج عملاً كبيراً وسقفاً عالياً، وإيماناً إدارياً، قبل كل شيء.

فزاعة الرقيب لاحقتنا طويلاً، حذفت من أفواهنا الكثير مما يجب أن يقال، ساعدت في ذلك سياقات مصاحبة، ولكن الأشياء لم تعد كذلك، أو هكذا اقرؤها، فولي الأمر لم يستثنِ أحداً من الملاحقة، ولجنة مكافحة الفساد ليست شيئاً صورياً، وإجراءاتها جاءت بعد ساعات، لتلاحق الكثير من الأمراء والمسؤولين والمتنفذين، وتفتح باباً كبيراً للمراجعة والتحقيق، وهي سابقة أظنها على مستوى الوطن العربي، وفقاً للظروف السعودية.. وهذا ما يضع المسؤولية في ملعب الصحف، لأن تقدم عملاً موازياً، يرتقي لجدية وصرامة القرارات.

وهذا الحديث موجه لنا نحن الكتّاب، قبل الصحفيين، هامشنا أعلى.. ويفترض أن نعمل على ذلك قبل أن نوزع الرؤى والنظريات، ونكون بحجم المسؤولية والمرحلة. الله يكون بالعون. والسلام