يوسف الكويليت

لم نقدم رشوة لندخل نادي العشرين لأكبر اقتصادات العالم، ولم نذهب لأمريكا وبريطانيا ودول آسيوية كبرى نسوّق بيع الخمسة في المائة لأرامكو، ولسنا رصيفاً عائماً لتصدير الأزمات أو استيرادها، أو إنتاجها..

خضنا حروباً على الفساد والتطرف والمخدرات، وأُجبرنا على حرب اليمن ودُفعنا لها لنحصن أمننا، ولهذه الأسباب نتعرض لحملات، إعلامية ممنهجة..

فاعتقال المتطرفين وشيوخهم هو تكميم للأفواه ومصادرة الرأي الحر، وتوقيف الفاسدين، تصفية حسابات بين خصوم، وكأن أي قرار نتخذه لا بد أن نأخذ به المشورة من غيرنا وهذا بمنطق العقل تجريد لاستقلالنا وحريتنا..

الهجمات المتوالية تكسبنا قيمة سياسية ومعنوية، فأمريكا يهاجمها العديد من مواطني العالم، ويتمنون جنسيتها، ونحن بالمملكة نجد من إخوتنا العرب من يذهب إلى تصنيفنا بالأعداء، وبنفس الوقت يسعون لفرصة عمل عندنا، وسنظل كراماً وبيتاً للعرب حتى لمن يروننا نعيش صدفة النفط، لأننا نؤمن بأن لنا دوراً مهماً في عودة هذه الأمة لمسارها الصحيح، وخروجها من تقاتلها إلى سلام طويل يتفوق على جراح الحروب ومآسيها..

لم نقبل بالبعد الواحد في علاقاتنا الدولية، فكل القوى الكبرى نتعامل معها بالاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعندما عقدت القمة العربية - اللاتينية بالرياض كان الأساس الاستراتيجي لها فتح المنافذ على قارة مهمة تعد بمستقبل بعيد، بمعنى محدد، أن توفير مناخ طبيعي في العلاقات الدولية مرتبط بالتماثل بما يقدم كل طرف للآخر، والمملكة لديها عوامل النجاح نستدل بذلك على المشروعات الجبارة التي تطرحها من خلال استراتيجية طويلة جاذبة ومناخ مفتوح لكل الشركات والدول القادرة على المساهمة بهذه المشروعات بكل مستوياتها..

إذن دولة بهذه القوة والحجم لا بد أن تواجه حملات الإعلام من الأطراف الأخرى، لكن ما دور المواطن تجاه الإشاعات التي غايتها التشكيك بمنجزاته والدور الذي تلعبه حكومته على كل الساحات؟

منذ الستينات ونحن نشهد مواجهة مع عدو مستتر، لكن المناعة الوطنية بقيت حصانتها فوق التصورات، ومع ثورة المعلومات اختلفت وسائل التلفيق، فخرج الإعلام التقليدي لتصبح المنازعات بين شعوب وقارات، فصرنا جزءاً من الأهداف غير أن المواطن لم تعد تخدعه الوسيلة المفبركة، فتحول لخط دفاع يتسلح بوعيه، حتى إن سلاح الوثيقة التي خرجت من الأرشيف السري فضحت، على سبيل المثال، قطر وإخوانها، وعرب إيران وحزب الله والمتحالفين معهما، وهذا الجهد الوطني جاء تلقائياً، أي لم يأت من توجيهات رسمية، بل تطور في الوعي العام، ولذلك لا نخشى أعداءنا وإنما من يظهرون بعدة وجوه وألوان، ويحاولون خداعنا..

فشل غيرنا في بناء الاستقرار والتنمية وأمن المواطن، مسؤولية من يتصرف بدوافع غرائزه، ودوافعنا تختلف عنهم، لأن لدينا الإيمان بقدراتنا وإمكاناتنا الذاتية..