علي سعد الموسى

واستكمالا لما بدأته بالأمس عن الاختراق الصفوي الإيراني للفضاءات العربية عبر توظيف النخب واستمالة الأنتلجنسيا، ثم دعم هذه الكتل المؤثرة للوصول إلى العامة وقواعد الجمهور، يبرز السؤال: هل لدينا بالفعل مشروع ثقافي يستطيع مبارزة وتحجيم هذا المشروع الذي اختطف حتى اللحظة مساحة مهمة من الخارطتين الإسلامية والعربية؟ والجواب الذي ألمسه، وللحق دون بحث مكتمل الأركان، أن لدينا القدرة الهائلة والإمكانات المادية والكوادر المؤهلة مثلما لدينا الميدان الواسع المفتوح، ولكن للصدمة لا أرى ثمة أضلاع هذا المشروع في الأفق.
واليوم نحن أمام بشائر ولادة دولة سعودية جديدة ومختلفة في مشروعها الفكري والثقافي عن الأمس. والصدمة الإيجابية التي أحدثها هذا المشروع في الداخل السعودي لن تقف عند هذه الحدود الوطنية، وحتما ستذهب لتغيير صورتنا في الخارج. أول الاعترافات مع النفس أن نؤمن تماما أننا إما بلا مشروع أو بمشروع يحتاج إلى جرح هائل وتعديل جوهري. وبالمناسبة، فإن مقالي اليوم لن يقرأ دون مقدمة الأمس. تقول المعلومة إن أبواق إيران، ومن العرب ومن كل طوائفهم وأعراقهم الذين يدافعون عنها في قنوات العرب، هم ذات الكتائب التي أرسلتها طهران 
في استثمار طويل الأجل وغرستهم في عواصم القرار العالمي، وظلوا ضيوفا وشركاء على المراكز السياسية البحثية الشهيرة ومعاهد الدراسات الكبرى، وبالخصوص في واشنطن ولندن وباريس. وفي المقابل، ومن أجل وطني، يؤسفني وبجرح عميق أن أكتب: فيما عدا قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة فإنني أشعر بالحرج والخجل الشديدين عندما أشاهد ركاكة وضحالة ذلك الكارتيل الذي يظهر في الأخبار والبرامج للدفاع عن المملكة، سعوديين كانوا أو من الإخوة العرب. أحيانا أشعر أن هؤلاء يهزموننا في مثل هذا الظهور الضعيف المرتبك بالرغم من أن الرسالة السعودية التي يدافعون عنها تضع في كفوفهم قوة من الحجة الكاسحة. دعوني أختم بالشواهد: بناؤنا لألف مسجد ومركز إسلامي في كل مدن الكون عمل نبيل وواجب إسلامي، لكنها في النهاية تنقلب علينا لأنها كلها في النهاية ستسقط في يد المقيمين هناك من أباطرة الملل والنحل وأئمة الطوائف. أعطني مسجدا واحدا بينها على السلفية السعودية، لأسحب ما كتبت. هدايانا لعشرات آلاف المنح الدراسية في جامعة دينية لدينا عمل نبيل وواجب، ولكننا لم نجد من بين كل هؤلاء من يدافع عن قضايانا وقت الحاجة. أعطني داعية واحدا من بين كل هؤلاء وهم بمئات الآلاف لأسحب ما كتبت. مثل هذا ينطبق على عشرات المدارس والمعاهد السعودية بالخارج.
الخلاصة: مشروعنا الثقافي نمطي تقليدي لم يصل بنا إلى ثمار أو نتائج.