علي أحمدي

حادث الحريق النفطي الذي وقع بعد تسرب من أحد الأنابيب النفطية المجاور لبيوت قرية بوري هو أكبر حادث من نوعه يحصل في تاريخ البحرين، عمود النار المتولد كان يُرى من القرى المجاورة وبيوتات مدينة حمد، وخلَّف الوهج الصادر منه والحرارة حالة من الهلع والخوف بين الأهالي ومرتادي سوق واقف القريب من الموقع.
شباب المنطقة سارعوا لنجدة الكبار والصغار والعجزة وأخلوا المنازل القريبة وأخرجوا إسطوانات الغاز من المنازل وأبعدوا السيارات المركونة بجانبها متحملين شدة الوهج الذي وصل الى مدى يقارب 600 متر تقريباً.
التعاطي كان سريعاً من قبل قوات الشرطة التي هرعت للحادث لتأمين السكان والتأكد من سلامتهم، وبتواجدي في موقع الحدث فقد كان تعاطي قوات الشرطة وعلى رأسهم الضابط المتواجد في قرية بوري راقياً الذي اتسع صدره للجميع بأسلوب استطاع من خلاله أن يخفف حالة الذعر، وأن يطمئن الأهالي على سلامة جميع السكان، وهو موقف يشكر عليه، كما يشكر عليه جميع رجال الدفاع المدني الذين استطاعوا السيطرة على الحريق وتقليل الأضرار خلال ساعتين تقريباً.
أسجل الشكر لشركة بابكو على تفاعلها، وإن كنت قد أتوقع دورًا أكبر من قبل شركة بابكو في التعاطي مع هذا الحادث الذي يعد اختباراً حقيقياً لمدى كفاءة خطط التعامل مع الحالات الطارئة، فهناك العديد من النقاط والملاحظات المتعلقة بهذا الحادث أبرزها:
أولاً: لم يكن هناك أي بيان من قبل شركة «بابكو» غير صورة في صفحة الإنستغرام توضح أنه تم إطفاء الحريق تماماً بمجهودات فريق الأمن والسلامة والحريق ووزارة الداخلية، حيث يتطلب الأمر في مثل هذه الأمور الوقوف على الحقائق ومتابعة أدق الأخبار ونشرها ونفي الشائعات.
ثانياً: لم نلمس وجود تواصل حقيقي مع أفراد المجتمع لطمأنتهم أو إرشادهم أو توعيتهم بالإجراءات التي ينبغي اتخاذها وطرق التعامل مع الحالات الطارئة، وصدر بيان مقتضب متأخراً على الإنستغرام من نقابة الشركة وليس من إدارتها بالطلب من الأهالي ضرورة إخلاء المنطقة. أقترح بصدق أن تنظر الشركة في كيفية تواصلها مع المجتمع المحلي ومدى ملاءمة وسائل الاتصال بهم.
ثالثاً: لم يستشعر المتضررون من الأهالي وجود تنسيق واضح بين شركة بابكو والجهات المختصة والجهات الأهلية من جهة أخرى في مثل هذه الحالات، فبالرغم من كون الحادث كارثياً إلا أنه لم يهرع للمنطقة أي من سيارات الإسعاف تأهباً لأي سوء يذكر، ولا أي من فرق الإغاثة والمسعفين المدربين في الشركة.
رابعاً: أتساءل عن الدور الحقيقي للشركة في مجال الشراكة المجتمعية في خطة الإخلاء والإيواء، فبعد أن أخلى الأهالي المساكن تواجدوا على مقربة من الحادث ولم يكن هناك خطة يعرفون من خلالها إلى أين يتوجهون بعد الحادث والى وقت متأخر من الليل لولا أن قامت الشرطة بفتح مدرسة بوري لإيواء المتضررين بعد ساعتين من الحادث تقريباً.
خامساً: صدر توضيح مقتضب جداً من شركة بابكو على صفحة الإنستغرام بعد السيطرة على الحريق كان خالياً من الأبعاد المجتمعية والتطمينية بعدم وجود أضرار بشرية، ولم يتضمن اعتذاراً أو شعوراً بالأسف عن وقوع الحادث وما ستقوم به الشركة تجاه الأهالي والمتضررين.
سادساً: في صفحة الإنستغرام الخاصة بنقابة الشركة كانت هناك بعض الأصوات من موظفي الشركة همها الشاغل هو هل أن الشركة ستوقف البونس السنوي أم لا دون الاكتراث بمشاعر الآخرين والأضرار اللاحقة بهم وكأن قيمة حياة الآخرين لا معنى لها عندهم، من المؤسف أن يكون هذا هو توجه البعض ممن يحسبون على الشركة دون أن يكون للشركة رد على ذلك في نفس الموقع.
سابعاً: وجهت بعض الجمعيات الخيرية ومنها جمعية عالي رسائل فورية للمتضررين الذين أخلوا منازلهم، ورسائل من جمع من مواطني البحرين الكرماء يعلنون فيه عن توفير منازل وشقق مؤقتة للمتضررين بينما لم يكن أي بيان مماثل قد صدر من شركة بابكو التي تفوق ميزانيتها جميع الجمعيات والأهالي مجتمعة.
كان هناك حديث في العام 2006 عن رغبة شركة بابكو في إزالة هذه الأنابيب المزاحمة للمناطق السكنية وتحويلها باتجاه الصخير، وأعتقد أن المشروع كان مخططاً له أن ينتهي في منتصف العام القادم. ينبغي أن يعزز هذا الحادث الحاجة الحقيقية للبدء الفعلي في مثل هذا المشروع وعدم تأجيله المرة تلو الأخرى.
المتوقع من شركة بابكو دراسة السبل التي تحول دون حدوث ذلك أو تكراره في المستقبل. كما ينبغي مراجعة خطة الطوارئ والتعامل مع الحالات الخطرة ومدى فاعلية طرق المراقبة والتحكم ومدى التنسيق بين الجهات المختصة والأهلية وطرق تفعيلها.
شركة بابكو جزء لا يتجزأ من الشريان الحيوي للاقتصاد البحريني ونحب أن نرى لها دورًا أكثر فاعلية على صعيد الشراكة المجتعمية لذلك أرجو أن يتم النظر لهذا الموضوع بصورة إيجابية تدعم توجهات الشركة في دعم سلامة المجتمع وعدم الإضرار ببيئته وممتلكاته.
هناك أسألة أخرى توجه للمحافظة ودورها ودور النائبين في المنطقة ولكن لا يتسع المجال لذكرها.