علي نون

تزعجهم الحقائق المباشرة، الواضحة والمبسّطة، جماعة المحور الإيراني في نواحينا. يلجأون إلى أي شيء تهرّباً منها. ويذهبون إلى الغرف من عدّة الشغل المألوفة في أدائهم والمتضمنة في قمّتها الشتم والافتراء والإسفاف في القول، أو ما يمكن وصفه بـ«البلطجة النظرية» أو العنف اللفظي الكريه والمعيب.

وبعض ذلك الأداء يعتمد العموميات والشموليات وإظهار الاستهتار بـ«التفاصيل» كلما كانت الحقيقة أكبر من الشتيمة والسفّ وأوضَحْ من الغبار المتأتي عنهما.. كأن يُرجع الأمر «التفصيلي» المطروح إلى «الأساس» الاصطفافي والمبدئي وافتراض كفاية ذلك لتقديم الجواب وتغطية الارتكاب وتبرير الجريمة: «هم» و«نحن»! و«محورهم» و«محورنا»! خيرهم شرّ مبدئي لأنّه آتٍ منهم! وشرّنا خيرٌ مبدئي لأنه صادر عنّا! وفي هذه العجنة تُخلط الأرواح والدماء والمصائر والكبائر والافتراءات والارتكابات والمجازر والكيماويات في جرن واحد مع «المقاومات» و«الممانعات» و«الخلاصيات» و«مواجهة التحديات»، وما تناسل من هذه التوليفة وتفرّع!

ودائماً وأبداً، تُعتمد تلك الرطانة في جملتها للتغطية على الجذر التأسيسي الوحيد لها، والذي يبدأ عند المعطى المذهبي ولا ينتهي عند الإحياء القومي.. وفي ظنّ أصحاب ذلك المشروع البائس أنّ هذَين الأمرَين الركيزتَين يمكن تغطيتهما بكثرة التمويه «المقدّس» المنسلّ من النصّ الديني، والحوادث «الأولى» التي رافقت بداياته. ثمّ من القضايا الكبرى الطارئة في الأزمات الحديثة والمتصدّرة على مدى العقود الماضية أولويات العرب والمسلمين..

تحت ظلال هذه التركيبة الهيجانية يجري الردّ على الحقيقة الجرميّة بالعودة إلى قصّة «الفسطاطَين»! و«المحوَرَين»! من دون التوقّف لحظة واحدة أمام المرتكزات الدينية أو الأخلاقية أو حتى المصلحية، التي ينتهكها «السعي المقدّس» ذاك إلى «الأمجاد» و«الانتصارات» و«الإنجازات» و«الفتوحات» و«التنويرات الثورية» المدرارة!

.. ما علاقة «مقاومة» إسرائيل بالذهاب إلى اليمن؟! أو بتدبير محاولة تخريب في الكويت؟! أو تنفيذ عملية إرهابية في الخُبَر السعودية؟! أو برمي صاروخ على الرياض؟! أو بمحاولة تدمير استقرار البحرين؟! أو بالسعي المذهبي في الجزائر! أو مصر! أو المغرب! وكيف يكون توريط لبنان في أزمات كبرى مع محيطه العربي شرطاً «لحفظ المقاومة»؟! و«مواجهة الصهاينة»؟! وكيف تكون المساهمة في نكبة سوريا وأهلها شقّاً للطرق الذاهبة إلى «تحرير القدس»؟! وغير ذلك الكثير من «التفاصيل» الجرمية الواضحة التي يهرب أهل المحور الإيراني من ثبوتها وحقيقتها ويؤْثرون الذهاب (ردّاً عليها) إلى الاصطفاف الأوّل.. بما فيه من عدّة شغل عمادها الشتم والافتراء والإسفاف وغير ذلك الكثير من العيوب والمثالب والرزايا!.. يا حيف!