سمير عطا الله

 حتى ظهر أمس الاثنين، كانت زيمبابوي، حكومة وجيشاً وحزباً حاكماً ومعارضة وشعباً، تتصرف مثل أي دولة عاملة بالقانون والعرف والأصول، إلا رجلاً واحداً وزوجته. منذ أسبوع نزل الجيش بكل هدوء، ومن دون عنف، ومن دون لغة غليظة، وقال لحزب «زانو» الحاكم إن على زعيمه ورئيس الدولة روبرت موغابي أن يمشي، إلى أي مكان يشاء. والتقى مائتان من قادة الحزب الوطني الحاكم وقالوا للرجل البالغ 93 عاماً، والحاكم منذ 37 عاماً، صاحب الفخامة، رجاء، امشِ.

وعندما علم الناس بما حدث، نزلوا إلى الشوارع يهتفون، ضمن النظام، رجاء صاحب الفخامة أن تمشي، وألاّ تنسى أن تأخذ زوجتك معك. وانتظر الجميع أن يقف صاحب الفخامة ويلقي على شعبه تحية الوداع. وقف، وراح يلقي خطاباً عن «الأصول الدستورية» ومشاريعه للمستقبل! قام الجيش بالحركة لكي لا يرشح موغابي زوجته لخلافته. ليس لأنها زوجته، فهذا شأنها وشأنه، بل لأنها تحصل على الدكتوراه دون الحضور إلى الجامعة مثل زوجة تشاوشسكو الروماني. ولأنها تبذخ بذخاً فاقعاً على ثيابها في بلد أفقره زوجها حتى لم يعد قادراً على طبع عملة وطنية.
لكن موغابي لا يزال يردد أنه أب للاستقلال. وباسم الاستقلال عن بريطانيا جرّد شعبه من كل معاني الحرية والكرامة. والساعات المقبلة مفزعة: هل تلجأ زيمبابوي إلى العنف للخلاص من هذا الرجل وتدخل ظلاماً آخر، أم تحدث معجزة ما، تساعد فيها الجارة جنوب أفريقيا؟
سبحان موزع الحظوظ. هذه كان بطل استقلالها روبرت موغابي، وهذه كان نيلسون مانديلا. الأخير أصر على المصالحة: نحن في حاجة إلى خبرات الرجل الأبيض مهما ظلم في الماضي. وأصرّ على أن الصفح سيد الأحكام. وأكثر ما أصرّ عليه أن يخرج في الساعة الأولى في اليوم الأول لانتهاء ولايته. والإصرار الأكبر على أن تخرج قبله زوجته، التي كانت قبل زواجها منه أرملة رئيس موزمبيق.
مرتان كانت غراسا مانديلا سيدة أولى. وفي المرتين تصرفت كسيدة أولى، وأكثر. أما غريس (الاسم نفسه) موغابي، التي تزوج منها صاحب الفخامة فيما كان زوجها الأول على فراش المرض الأخير، فبدل لقب «السيدة الأولى»، حصلت ل