مها الشهري

مهما كانت نزاهة المسؤول وجديته في العمل إلا أنه لن ينجح في ذلك ما لم يكن لديه من يعينه على الصلاح والإصلاح وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية.

إن أول ما يتوارد إلى ذهن شخص عادي حينما يعلم بأن فلانا من أقاربه أو جماعته يعمل مع الوزير أو مع الأمير أو يشغل منصبا مرموقا هو التفكير بكيفية الاستفادة منه إزاء مصالح معطلة أو حاجة ملحة إلى علاج أو الوصول إلى هدف عجز عن الوصول إليه كمواطن، فيبدأ الطرف الأول في الدخول إلى معاناة اجتماعية حين يشعر بالانزعاج ممن يستجدون الخدمات منه حتى يظن بأن منصبه أصبح عبئا عليه، ما يضطره للخروج أحيانا عن دوره الإنساني والاجتماعي فهو في موضع أصغر بكثير من حجم المشكلة التي حولت المواطن من شخص يفترض أن يحصل على حقوقه بغير طرق الاستجداء والواسطة إلى شخص منتفع ويستجدي حقه.

هذه شائبة كبرى لا يخلو منها عملنا المؤسسي والإداري، فالبطانة الفاسدة تزين السرقة وتكرس العمل الفاسد وتبيح الهيمنة على حساب المجتمع ومصالح العامة وتجعل الباطل حقا والحق باطلا، الأمر الذي غيب الكفاءات وأنتج لنا سلوكيات لا مهنية وقضايا معطلة لم نصل فيها حتى إلى أنصاف الحلول.

محاربة الفساد مرهونة بمحاربة البطانة الفاسدة التي تبدأ من تفعيل مبدأ المحاسبة وتحويل المواطن والمسؤول من شخص منتفع إلى شخص يحصل على حقوقه ويؤدي دوره الاجتماعي بمسؤولية، فلم يعد هناك اليوم دور وظيفي أصعب من دور المسؤول خصوصا ونحن مقبلون على الخروج من المركزية والذاتية إلى الإحساس بالمسؤولية والدور الوطني.