FINANCIAL TIMES

ريتشارد ووترز من نيويورك

القواعد الغامضة لإدارة شبكة المعلومات - كيف تتعامل شركات النطاق العريض مع أنواع مختلفة من حركة المرور على شبكاتها - كانت دائما غير قابلة للاختراق من غير المهندسين. 
إضافة إلى المشاعر التي أثارتها الحملات الشعبية في وادي السليكون وما وراءها، كان من الصعب فصل الحقيقة عن المواقف المتضاربة أيديولوجيا.

يقول كريس لويس، نائب رئيس منظمة المعرفة العامة، إحدى المجموعات الناشطة التي تضغط من أجل قواعد تقول إنها ضرورية للتأكد من أن الإنترنت لا يزال "مفتوحا": "إنه موضوع شعبي بشكل قوي للغاية، وقد ولد دائما ملايين التعليقات".
بعد آخر موجة من الجيشان، هذا الأسبوع تحركت اللجنة الفيدرالية للاتصالات خطوة أقرب باتجاه إجراء حاسم، مع وعد بإلغاء القوانين التنظيمية حول الحيادية التي تم وضعها في عام 2015. 
وهذا من شأنه أن يحرر شركات النطاق العريض في الولايات المتحدة لتفضيل بعض البيانات التي تتدفق من خلال شبكاتها على بيانات أخرى، شريطة أن تكون صريحة حول ممارساتها ولا تخرق قواعد مكافحة الاحتكار.

تدفق أكثر من 22 مليون تعليق إلى الوكالة خلال فترة التعليق العام على هذا الاقتراح هذا العام، ولكن الكثير منها، كما اتضح، كان مزورا.
وفقا لمسؤولي اللجنة الفيدرالية للاتصالات، هناك 7.5 مليون تعليق جاءت في الرسالة القياسية نفسها، التي أرسلت من 45 ألف عنوان بريد إلكتروني فقط. معظمها كان مغلفا، بعد أن تمت معالجتها من خلال موقع يسمى fakemailgenerator.com.
وردا على ذلك، قالت اللجنة إنها تجاهلت موجة المد والجزر من التعليقات، سواء كانت وهمية أم حقيقية، وجعلت "الجودة بدلا من الكمية" مقياسا لها.
جلب ذلك الشكاوى من المعارضين، الذين اعتبروا أن هذه وسيلة مريحة للوكالة لتجاهل موجة من المعارضة العامة. وشكلت منظمات مثل "المعرفة العامة" جزءا من الحملات الشعبية الناجحة للغاية في الماضي لتوليد الدعم للحياد، ما أثار اقتراحات بأن التعليقات المزيفة صممت لتحييد موجة عارمة لمعارضة حقيقية للجنة. 
يبدو أن إريك شنايدرمان، النائب العام الديمقراطي لولاية نيويورك، يحمل الشكوك نفسها هذا الأسبوع، حيث اشتكى من أن اللجنة الفيدرالية للاتصالات التي يسيطر عليها الجمهوريون قامت بحظر محاولته الخاصة للوصول إلى عمق القضية. وقال متحدث باسم شنايدرمان إن التعليقات المزيفة يغلب عليها أن تدعم موقف اللجنة الفيدرالية.
وقالت اللجنة الفيدرالية للاتصالات، وهي تقلل من شأن التعليق العام، إنها ركزت اهتمامها على ما تعتبره القضية الحقيقية: أن قواعد الحياد، من خلال منع شركات الشبكة من فرض رسوم على مستويات مختلفة من الخدمات، كانت قد ثبطت الاستثمار في شبكات النطاق العريض. ووفقا لمسؤولين، فإن إحدى شركات الكابل الكبيرة، تشارتر، ألغت خطة لشبكة لاسلكية جديدة بسبب قواعد حياد الشبكة.
ومع ذلك، فإن تحليلها المفصل للقرار، الذي صدر يوم الأربعاء الماضي، لم يقدم إلا دعما طفيفا لهذا الموقف. قالت اللجنة إنه "يبدو أن الاستثمار في النطاق العريض تراجع في عام 2015"، عندما اعتمدت قواعد الحياد، قبل أن ينخفض بنسبة 3 في المائة فقط في العام التالي لذلك.
وقال المسؤولون أيضا إن إكراه الشركات على التعامل مع جميع البيانات التي تتدفق على شبكاتها على قدم المساواة كان قد أعاق الابتكار. وكمثال على ذلك، قالوا إن البيانات المتدفقة في الوقت الحقيقي إلى السيارات المستقلة ستتطلب موثوقية أكبر من الأفلام من على موقع نيتفليكس.
ووفقا لما ذكره النقاد، فإن السماح للشركات بفرض المزيد من الرسوم مقابل مستويات مختلفة من الخدمة من هذا القبيل - إنشاء ما يسميه المنتقدون "ممرات سريعة للإنترنت" - سيؤدي إلى تدهور لا مفر منه لأي شخص غير قادر على دفع الثمن. 
وعلى الرغم من أن الشركات الغنية مثل نيتفليكس وجوجل قد لا تتأثر من ذلك، إلا أنه سيتم عرقلة شركات الإنترنت الناشئة الجديدة. 
هناك موقع إيتسي الإلكتروني للسلع الحرفية الذي كان واحدا من أقوى المعارضين لموقف اللجنة الفيدرالية، لخص المعارضة هذا الأسبوع: "قواعد حياد الشبكة القوية ضرورية للحفاظ على مجال اللعب مستويا على الإنترنت، وإضفاء الطابع الديمقراطي على روح المشاريع، والسماح للشركات الصغيرة والمتوسطة من كل مقاطعة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، أن تزدهر".
ومع ذلك، فإن اليقين شبه الديني على كلا الجانبين أخفق في التأثير في رد فعل وول ستريت، الذي يبدو أنه خلص إلى أن نتائج حروب حياد الشبكة لن يكون لها تأثير يذكر في أسواق النطاق العريض والإعلام في العالم الحقيقي.
في السنوات الثلاث الماضية، تفاوت المناخ التنظيمي في واشنطن بين المواقف المتطرفة - من محكمة تلقي بقواعد الحياد المدعومة من اللجنة الفيدرالية بعيدا، إلى فرض مجموعة أكثر صرامة من القوانين التنظيمية، والعودة إلى نهج عدم التدخل. ولكن خلال ذلك الوقت، بالكاد تفاعلت أسعار أسهم شركات الكابل والاتصالات ووسائل الإعلام مع هذا التقلب.
قامت مؤسسة بروكينجز بدراسة أسعار الأسهم في القطاع في مقابل الإجراءات التنظيمية، وخلصت إلى أن شركات الكابل الثلاث الكبرى في ذلك الوقت - كومكاست وتايم وورنر كابل وتشارتر – كانت قد تأثرت بوعود الرئيس باراك أوباما لعام 2014 بتنظيم القطاع بشكل أكثر صرامة. 
إلا أن شركات الاتصالات لم تتأثر، ما أدى بالباحثين إلى الإشارة إلى أن الذي أثار أعصاب المستثمرين هو الشعور بالقلق حول إمكانية الحظر على المزيد من الاندماج في قطاع شركات الكابل، وليس قواعد الحيادية نفسها. وفي الوقت نفسه، فإن الأسهم في شركة نيتفليكس، التي غالبا ما ينظر إليها على أنها الشركة الأكثر عرضة للخطر بشكل مباشر من نهاية حياد الشبكة، حققت نجاحا عظيما منذ الانتخابات الرئاسية في العام الماضي. 
قبل ثلاث سنوات وافقت شركة نيتفليكس على دفع تكاليف الحركة العالية التي تتقاضاها شركة كومكاست. وكانت الشركتان قد دفنتا الأحقاد في العام الماضي بالكامل، من خلال صفقة لجعل خدمة بث الأفلام متاحة مباشرة على صناديق استقبال البث التي تصنعها شركة كومكاست. 
إذا استثنينا المشاعر الحزبية، يشير ذلك إلى أن آثار الإجراء الأخير من اللجنة الفيدرالية للاتصالات قد تكون أقل دراماتيكية مما كان متوقعا على نطاق واسع.