شملان يوسف العيسى 

على الرغم من الحملة الدولية والمصرية ضد الإرهاب والإرهابيين تعرضت مصر لأكبر جريمة في مقتل أكثر من ثلاثمائة بريء، وهم يؤدون صلاة الجمعة في مسجد الروضة غرب مدينة العريش.

هذه الجريمة الإرهابية البشعة تؤكد بأن كل الكلام والتطمينات بالقضاء على الإرهاب والإرهابيين الدواعش في كل من سوريا والعراق وبمساعدة غربية قوية لم تؤدِ النتيجة المطلوبة حتى الآن، وهذا يعني ببساطة أن الحملة المصرية الضخمة ضد الإرهابيين في مصر لم تنتهِ بعد، وأن التنسيق الاستخباراتي المكثف مع دول العالم في متابعة وملاحقة الإرهابيين الدواعش لم يقضِ عليهم وربما يحتاح لوقت طويل ليفعل هذا.

السؤال هنا لماذا قصد الإرهابيون الدواعش مصر بعد ملاحقتهم في سوريا والعراق بحملة محلية ودولية مكثفة؟ الإرهابيون يعون تماماً أن سقوط مصر بيد الإرهابيين يعني سقوط الأمة العربية أو معظمها بيدهم:

التحدي الأكبر الذي يواجه مصر اليوم ومعها دول التحالف العربي والغربي، هو كيف يمكن لهذه الدول تحقيق الانتصار على الإرهابيين في مصر والساحة العربية برمتها؟

مرة أخرى نتساءل لماذا العمليات الإرهابية مستمرة رغم كل الإجراءات الأمنية والإعلامية التي اتخذتها الحكومة المصرية؟

الواقع أن السلطات في أي بلد لا تستطيع أن توفر حراسة كاملة لكل الكيانات الموجودة داخل البلد، ناهيك عن دور العبادة، ففي مصر هناك آلاف المساجد، وغيرها من دور العبادة، والتحصيل الحاصل أن هذه الأماكن لا يخطر على البال أنها ستتعرض لأعمال إرهابية.

ولكن رغم هذا دعنا نتساءل: هل يعود السبب إلى عجز بعض المؤسسات الأمنية عن مواكبة التحولات السريعة في تغيير سلوك الإرهابيين وطرق عملهم الجديدة، أم يعود السبب إلى عجز المؤسسات الدينية وتقصيرها في أداء دورها... هل يواكب أئمة المساجد تطورات أفكار الإرهابيين؟ وهل لدى الأئمة المقدرة على حث الناس في المجتمع على الابتعاد عن التطرف الديني في المناطق الريفية والصحراوية؟

هل كان للإجراءات الأمنية المتبعة ضد الإرهابيين والتعامل مع أفراد الجماعات بالطرق المتبعة خلق جيلاً جديداً من «الجهاديين» الإرهابيين الذين ينشدون الانتقام من السلطة في أي مكان؟ وإذا لم يستطع أفراد هذه الجماعات الخسيسة مقاومة الجهات الأمنية نراهم يوجهون غضبهم ونيرانهم إلى الأبرياء من الناس في دور العبادة في الكنائس والمساجد... ويهدفون من هذا إلى خلق حالة من عدم الثقة بالسلطة... ويطرحون أنفسهم بديلاً عنها، أي عن السلطة.

لقد كتبنا عدة مرات في هذه الصحيفة أن مكافحة الإرهاب باللجوء إلى الأسلوب الأمني وحده لن يؤدي الهدف أو الغرض منه، مهما توسعت الإجراءات الأمنية.

إن فتح باب حرية الحوار في القضايا العامة التي تخص الشعب المصري بما فيها قضايا التطرف الديني، وانتشار البطالة والفساد والمحسوبية سوف يقلص الهوة، وهذا يتطلب وجود دور للمجتمع المدني وأفراد الشعب.

وأخيراً نتساءل لماذا تركز إرهاب الجماعات الإرهابية على منطقة سيناء، وهل هنالك علاقة مباشرة بين الإرهاب وحرمان بعض المناطق في سيناء من الخدمات المطلوبة، والجهل وانعدام التعليم وتفشي الأمية والبطالة، وانعدام التوعية بمبادئ الدين بكل هذا؟

معرفتنا الحقيقية عن الشعب المصري بأنه شعب بسيط وطيب ومتسامح، وفي معظم الحالات شعب موالٍ ومحب للسلطة والدولة، لذلك نستغرب ازدياد ظاهرة العنف والإرهاب في هذا البلد المسالم.

وهذا يتطلب مزيداً من البحوث والدراسات للوصول للفهم الحقيقي لانتشار العنف والإرهاب في دولة مسالمة.